المجلس العشرون
فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ
الْحَمْدُ للَّهِ الْمُتَعَالِي عَنِ الأَنْدَادِ , الْمُقَدَّسِ عَنِ الأَضْدَادِ الْمُنَزَّهِ عَنِ الأَوْلادِ , الْبَاقِي عَلَى الآبَادِ , رَافِعِ السَّبْعِ الشِّدَادِ عَالِيَةً بِغَيْرِ عِمَادٍ , مُزَيَّنَةً بِكُلِّ كَوْكَبٍ مُنِيرٍ وَقَّادٍ , وَوَاضِعِ الأَرْضِ لِلْمِهَادِ مُثَبَّتَةً بِالرَّاسِيَاتِ الأَطْوَادِ , خَالِقِ الْمَائِعِ وَالْجَمَادِ , وَمُبْتَدِعِ الْمَطْلُوبِ الْمُرَادِ , الْمُطَّلِعِ عَلَى سِرِّ الْقِلْبِ وَضَمِيرِ الْفُؤَادِ , مُقَدِّرِ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ مِنَ الضَّلالِ وَالرَّشَادِ , وَالصَّلاحِ وَالْفَسَادِ , وَالْغَيِّ وَالإِرْشَادِ , وَالْوِفَاقِ وَالْعِنَادِ , وَالْبُغْضِ وَالْوِدَادِ , فِي بِحَارِ لُطْفِهِ تَجْرِي مَرَاكِبُ الْعِبَادِ , وَعَلَى عَتَبَةِ بَابِهِ مَنَاخُ الْعُبَّادِ , وَفِيَ مَيْدَانِ حُبِّهِ تَجُولُ خَيْلُ الزُّهَّادِ , وَعِنْدَهُ مُبْتَغَى الطَّالِبِينَ وَآمَالُ الْقُصَّادِ , وَبِعَيْنِهِ مَا يَتَحَمَّلُونَ مِنْ ثِقَلِ الاجْتِهَادِ , رَأَى حَتَّى دَبِيبَ النَّمْلِ السُّودِ فِي السَّوَادِ , وَسَمِعَ صَوْتَ الْمُدْنَفِ الْمَجْهُودِ غَايَةَ الإِجْهَادِ , وَعَلِمَ مَا فِي سُوَيْدَاءِ السِّرِّ وَبَاطِنِ الاعْتِقَادِ , وَجَادَ عَلَى الآمِلِينَ فَزَادَهُمْ مِنَ الزَّادِ , وَأَعْطَى فَلَمْ يَخَفْ مِنَ الْعَوَزِ وَالنَّفَادِ , وَأَلَّفَ الأَجْسَادَ وَلَيْسَ يُشْبِهُ الأَجْسَادَ , وَخَلَقَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ وَتَوَحَّدَ بِالانْفِرَادِ , وَعَادَ بِالإِتْلافِ عَلَى الْمَوْجُودَاتِ ثُمَّ أَعَادَ , يُبَاهِي بِهَاجِرِ الْوِسَادِ إِذَا نَامَ فِي السُّجُودِ أَوْ مَادَ , ابْتَلَى بِالْغَفْلَةِ أَهْلَ الْيَقَظَةِ وَالاجْتِهَادِ لِيَنْكَسِرُوا بِالزَّلَلِ وَانْكِسَارُ الْعَبْدِ هُوَ الْمُرَادُ , بَسَطَ لِسُلَيْمَانَ بِسَاطَ النَّيْلِ فَوَقَعَ الْمَيْلُ إِلَى الْخَيْلِ عَنْ بَعْضِ الأَوْرَادِ {إِذْ عُرِضَ عليه بالعشي الصافنات الجياد} .
أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَفُوتُ الأَعْدَادَ , وَأَشْهَدُ أَنَّهُ الْوَاحِدُ لا كَالآحَادِ , وَأُصَلِّي عَلَى