(إِنْ كَانَ لا يَعْنِيكَ مَا ... يَكْفِي فَمَا يَعْنِيكَ جَدُّ)
(هَوِّنْ عَلَيْكَ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُعْطَى مَا يَوَدُّ ... )
(وَتَوِّقْ نَفْسَكَ فِي هَوَاكَ ... فَإِنَّهَا لَكَ فِيهِ ضِدُّ)
(مَنْ كَانَ مُتَّبِعًا هَوَاهُ ... فَإِنَّهُ لِهَوَاهُ عَبْدُ)
إِخْوَانِي: مَتَى أَصْبَحَ الْهَوَى أَمِيرًا أَمْسَى الْعَقْلُ أَسِيرًا , التَّقْوَى دِرْعٌ وَالدِّرْعُ مَجْمُوعٌ حِلَقٌ , فَغَضُّ الْبَصَرِ حَلْقَةٌ , وَحَبْسُ اللِّسَانِ حَلْقَةٌ , وَعَلَى هَذَا سَائِرُ مَا يُتَوَقَّى , فَإِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ خَلَلا فِي دِرْعِكَ فَإِنَّ الرَّامِيَ يَقْصِدُ الْخَلَلَ , مَتَى فَسَّحْتَ لِنَفْسِكَ فِي تفريط وإن قل انخرق حرز احترازك!
كان بعض المتعبدين يمشي في وَسَطَ الْوَحْلِ وَيَتَّقِيهِ وَيُشَمِّرُ عَنْ سَاقَيْهِ , إِلَى أَنْ زَلِقَتْ رِجْلُهُ , فَجَعَلَ يَمْشِي فِي وَسَطِ الْوَحْلِ وَيَبْكِي , فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: هَذَا مِثْلُ الْعَبْدِ لا يَزَالُ يَتَوَقَّى الذُّنُوبَ حَتَّى يَقَعَ فِي ذَنْبٍ وَذَنْبَيْنِ فَعِنْدَهَا يَخُوضُ الذُّنُوبَ خَوْضًا.
قِيلَ لِعُبَيْدَةَ بِنْتِ أَبِي كِلابٍ: مَا تَشْتَهِينَ؟ فَقَالَتِ: الْمَوْتَ. فَقِيلَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: لأَنِّي وَاللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أُصْبِحُ أَخْشَى أَنْ أَجْنِيَ عَلَى نَفْسِي جِنَايَةً يَكُونُ فِيهَا عَطَبِي أَيَّامَ الآخِرَةِ.
يَا مَسْتُورًا عَلَى الذَّنْبِ انْظُرْ فِي سِتْرِ مَنْ أَنْتَ , لَوْ عَرَفْتَنِي أَعْرَضْتَ عَنْ غَيْرِي , لَوْ أَحْبَبْتَنِي أَبْغَضْتَ مَا سِوَايَ , لَوْ لاحَظْتَ لُطْفِي لَتَوَكَّلْتَ ضَرُورَةً عَلَيَّ , خَاصَمْتُ عَنْكَ قَبْلَ وُجُودِكَ {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تعلمون} وَاسْتَكْثَرْتُ قَلِيلَ عَمَلِكَ: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} واعتذرت لك في زللك: {فدلاهما بغرور} وغطيت قبيح فعلك {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله} وَلَقَّنْتُكَ عُذْرَكَ عِنْدَ زَلَلِكَ: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} وأربحتك معاملتك: {فله عشر أمثالها} , مَنْ خَاصَمَ عَنْكَ وَأَنْتَ مَفْقُودٌ لا يُسَلِّمُكَ وأنت