فَخَوَّفَهُمْ أَخَذَاتِ الأُمَمِ وَقَالَ: {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} أَيْ لا تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتُكُمْ إِيَّايَ أَنْ تُعَذَّبُوا. وَكَانَ أَقْرَبُ الإِهْلاكَاتِ إِلَيْهِمْ قَوْمَ لُوطٍ فَقَالَ: {وما قوم لوط منكم ببعيد} .

فقالوا: " ما نفقه كثيراً مما تقول " أَيْ مَا نَعْرِفُ صِحَّةَ ذَلِكَ {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فينا ضعيفاً}

وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ. كَذَا يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنَادِي: وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لأَنَّهُ لا يُبْعَثُ نَبِيٌّ أَعْمَى. قَالَ أَبُو رَوْقٍ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا أَعْمَى وَلا مَنْ بِهِ زَمَانَةٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنَادِي: وَهَذا الْقَوْلُ أَلْيَطُ بِالْقُلُوبِ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

{وَلَوْلا رهطك} يعني عشيرتك {لرجمناك} أَيْ لَقَتَلْنَاكَ بِالرَّجْمِ. فَقَالَ لَهُمْ: {أَرَهْطِي أَعَزُّ عليكم من الله} أَيْ تُرَاعُونَ رَهْطِي فِي وَلا تُرَاعُونَ اللَّهَ في {واتخذتموه وراءكم ظهريا} أَيْ رَمَيْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ.

ثُمَّ كان آخر أمره أن قال: {فارتقبوا إني معكم رقيب} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ارْتَقِبُوا الْعَذَابَ فَإِنِّي أَرْتَقِبُ الثَّوَابَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ عُذِّبَ أَهْلُ مَدْيَنَ بِثَلاثَةِ أَصْنَافٍ: أَخَذَتْهُمْ رَجْفَةٌ فِي دِيَارِهِمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ تَسْقُطَ عَلَيْهِمْ , فَخَرَجُوا مِنْهَا فَأَصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ , فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى الظُّلَّةُ فَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى الظِّلِّ. فَدَخَلُوا فِيهِ فَصِيحَ بِهِمْ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ.

وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ مَدْيَنَ أَصْحَابُ الظُّلَّةِ , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فعلى هذا إنما خذف ذِكْرُ الأَخِ مِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ تَخْفِيفًا.

وَذَهَبَ مُقَاتِلٌ إِلَى أَنَّ أَهْلَ مَدْيَنَ لَمَّا هَلَكُوا بُعِثَ شُعَيْبٌ إِلَى أَصْحَابِ الأَيْكَةِ فَأُهْلِكُوا بِالظُّلَّةِ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي: وَكَانَ أَبُو جَادٍ وَهَوازٍ وَحُطِّي وَكَلَمُونَ وَسعفصَ وَقُرَيْشَاتَ بْنِ الأَمْحَضِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ يَعْصُبَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُلُوكًا , وَكَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015