المجلس الرابع عشر
فِي ذِكْرِ قِصَّةِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ
الْحَمْدُ للَّهِ الْقَدِيمِ فَلا يُقَالُ مَتَى كَانَ , الْعَظِيمِ فَلا يَحْوِيهِ مَكَانٌ , أَنْشَأَ آدَمَ وَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ بِنُعْمَانَ , وَرَفَعَ إِدْرِيسَ إِلَى أَعَالِي الْجِنَانِ , وَنَجَّى نُوحًا وَأَهْلَكَ كَنْعَانَ , وَسَلَّمَ الْخَلِيلَ بِلُطْفِهِ يَوْمَ النِّيرَانِ , وَيُوسُفُ مِنَ الْفَاحِشَةِ حِينَ الْبُرْهَانِ , وَبَعَثَ شُعَيْبًا إِلَى مَدْيَنَ يَنْهَى عَنِ الْبَخْسِ وَالْعُدْوَانِ , وَيُنَادِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَلَكِنْ صُمَّتِ الآذَانُ {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} .
أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَمْلأُ الْمِيزَانَ , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي فَاقَ دِينُهُ الأَدْيَانَ , وَعَلَى صَاحِبِهِ أبو بَكْرٍ أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ , وَعَلَى عُمَرَ الْفَارُوقِ الَّذِي كَانَ يَفْرَقُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ , وَعَلَى زَوْجِ الابْنَتَيْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَعَلَى عَلِيٍّ بَحْرِ الْعُلُومِ وَسَيِّدِ الشُّجْعَانِ , وَعَلَى عَمِّهِ الْمُسْتَسْقَى بشيبته فأقبح السَّحُّ الْهَتَّانُ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِلَى مدين أخاهم شعيبا}
قَالَ قَتَادَةُ: مَدْيَنُ مَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ قَوْمُ شُعَيْبٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَدْيَنُ هَذَا هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ لِصُلْبِهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: هُوَ مَدْيَنُ بْنُ مَدْيَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَالْمَعْنَى: أَرْسَلْنَا إِلَى وَلَدِ مَدْيَنَ. فَعَلَى هَذَا هُوَ اسْمُ قَبِيلَةٍ.
وَشُعَيْبُ هُوَ ابْنُ عيفَا بْنِ نويبَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , أَرْسَلَ إِلَى مَدْيَنَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانُوا مَعَ كُفْرِهِمْ يَبْخَسُونَ الْمَكَايِيلَ وَالْمَوَازِينَ , فَدَعَاهُمْ إِلَى