لنا هُوَ أَن مسَائِل الْأُصُول عَلَيْهَا أَدِلَّة قَاطِعَة على أَن الْأَمر فِيهَا على صفة وَاحِدَة فَمن اعْتقد فِيهَا خلاف مَا هِيَ عَلَيْهِ كَانَ اعْتِقَاده جهلا وَالْخَبَر عَنهُ كذبا وَالْجهل وَالْكذب قبيحان فَلَا يجوز أَن يكون صَوَابا
وَيدل عَلَيْهِ هُوَ أَن كل قَوْلَيْنِ لَا يجوز وُرُود الشَّرْع بِصِحَّة وَاحِدَة مِنْهُمَا لم يجز أَن يكون القَوْل بهما صَوَابا كَقَوْل الْمُسلمين إِن الله تَعَالَى وَاحِد لَا شريك لَهُ وَفِي قَول النَّصَارَى إِنَّه ثَالِث ثَلَاثَة
وَاحْتج بِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يكون كل مُجْتَهد فِي الْفُرُوع مصيبا جَازَ مثله فِي الْأُصُول
قُلْنَا لَا نسلم فَإِن الْحق عندنَا من قَول الْمُجْتَهدين فِي وَاحِد وَمَا عداهُ بَاطِل
وَإِن سلمنَا ذَلِك فَالْفرق بَينهمَا ظَاهر وَذَلِكَ أَن الْفُرُوع لَيْسَ عَلَيْهَا أَدِلَّة قَاطِعَة وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِن على الْأُصُول أَدِلَّة قَاطِعَة فَلم يجز أَن يكون كل مُجْتَهد فِيهَا مصيبا وَلِأَن فِي الْفُرُوع يجوز أَن يرد الشَّرْع بحكمين متضادين فَجَاز أَن يَجْعَل وَاحِد من الْمُجْتَهدين مصيبا بِخِلَاف الْأُصُول فَإِنَّهُ لَا يجوز أَن يرد الشَّرْع بِهِ بحكمين متضادين فَلَا يجوز أَن يكون كل مُجْتَهد فِيهَا مصيبا