قُلْنَا هَذَا يبطل بِالْأَمر بالشَّيْء فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ النَّهْي عَن ضِدّه وَإِن كَانَ ضد اللَّفْظ
وَأما الْقيَاس والتنبيه فَإِنَّهُمَا وافقا الْخطاب لِأَنَّهُمَا مفهومان من مَعْنَاهُ وَالدَّلِيل مَفْهُوم من جِهَة التَّخْصِيص فَكَانَ مُخَالفا لَهُ كَحكم مَا بعد الْغَايَة
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ للنطق دَلِيل لَكَانَ مَعَه بِمَنْزِلَة الخطابين وَلَو كَانَ كَذَلِك لما جَازَ تَركه بِالْقِيَاسِ كَمَا لَا يجوز ترك الْخطاب ولوجب إِذا نسخ الْخطاب أَن يبْقى الدَّلِيل كَمَا إِذا نسخ أحد الخطابين بَقِي الْخطاب الآخر
قُلْنَا لَا نقُول إِن الدَّلِيل مَعَ الْخطاب بِمَنْزِلَة الخطابين بل هُوَ بعض مُقْتَضَاهُ وَإِذا كَانَ ذَلِك بعض مُقْتَضَاهُ جَازَ تَركه بِالْقِيَاسِ كَمَا يجوز ترك بعض مَا اقْتَضَاهُ الْعُمُوم بِالْقِيَاسِ
وَأما إِذا نسخ الْخطاب فَمن أَصْحَابنَا من قَالَ يبْقى حكم الدَّلِيل وَالصَّحِيح أَنه يسْقط الدَّلِيل لِأَن الدَّلِيل مُقْتَضى الْخطاب وَمَفْهُومه فَإِذا بَطل الْخطاب بَطل الْمَفْهُوم كَمَا تَقول الْأَمر بالشَّيْء لما كَانَ النَّهْي عَن ضِدّه مُقْتَضَاهُ وَمَفْهُومه فَمَتَى سقط الْأَمر سقط النَّهْي كَذَلِك هَاهُنَا وَيُخَالف النطقين إِذا نسخ أَحدهمَا لِأَن أَحدهمَا غير مُتَعَلق بِالْآخرِ فنسخ أَحدهمَا لَا يُوجب نسخ الآخر وَهَاهُنَا الدَّلِيل تَابع للنطق ومستفاد مِنْهُ فَإِذا سقط الأَصْل سقط تَابعه كَمَا قُلْنَا فِي النَّهْي الْمُسْتَفَاد من الْأَمر
قَالُوا لَو كَانَ دَلِيل الْخطاب يَقْتَضِي الحكم لَكَانَ ذَلِك مستنبطا من اللَّفْظ وَمَا استنبط من اللَّفْظ لَا يجوز تَخْصِيصه كالعلة
قُلْنَا لَا نقُول أَن الدَّلِيل مستنبط من اللَّفْظ بل اللَّفْظ يدل عَلَيْهِ بِنَفسِهِ فِي