وَلِأَن اقتران الْمَدْح بِهِ يُؤَكد حكم الْإِبَاحَة واقتران الذَّم يُؤَكد حكم التَّحْرِيم فَهُوَ بِجَوَاز الِاحْتِجَاج بِهِ أولى
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ اقتران ذكر الْمَدْح بِهِ يمْنَع من حملهَا على الْعُمُوم لَكَانَ اقتران ذكر الْعقَاب بِهِ يمْنَع من ذَلِك وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال التَّعَلُّق بِآيَة السّرقَة والربا وَغَيرهمَا من العمومات
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْقَصْد من هَذِه الْآيَات الْمَدْح والذم على الْفِعْل دون بَيَان مَا يتَعَلَّق بِهِ الحكم من الشَّرَائِط والأوصاف فَلَا يجوز التَّعَلُّق بعمومها فِيمَا يستباح وَفِيمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة كَمَا قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} لما كَانَ الْقَصْد بِهَذَا بَيَان إِيجَاب حق من الزَّرْع لم يجز الِاحْتِجَاج بِعُمُومِهِ بالمقدار وَالْجِنْس
وَالْجَوَاب هُوَ أَن لَا نسلم أَن الْقَصْد بهَا هُوَ الْمَدْح دون الحكم بل الْقَصْد بهَا بَيَان الْجَمِيع لِأَن الْمَقَاصِد إِنَّمَا تعلم بالألفاظ وَقد وجدنَا اللَّفْظ فيهمَا وَالظَّاهِر أَنه قصدهما
وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يُقَال أَن ذكر الْمَدْح يمْنَع من كَون الحكم مَقْصُودا جَازَ أَن يقلب ذَلِك عَلَيْهِم فَيُقَال أَن ذكر الحكم يمْنَع كَون الْمَدْح مَقْصُودا وَهَذَا بَاطِل بِالْإِجْمَاع فَبَطل مَا قَالُوهُ