وَالْجَوَاب أَنا لَا نسلم هَذَا الأَصْل وَقد بَينا الْكَلَام عَلَيْهِ فِي مَوْضِعه فأغنى عَن الْإِعَادَة
قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِذا دخله التَّخْصِيص لم يُوجب حكمه فَبَطل الِاحْتِجَاج بِهِ كَمَا قُلْتُمْ فِي الْعِلَل
وَالْجَوَاب هُوَ أَنه لَو كَانَ هَذَا دَلِيلا علينا فَهُوَ دَلِيل عَلَيْكُم فَإِن تَخْصِيص الْعِلَل لَا يمْنَع الِاحْتِجَاج بهَا عِنْدهم فَيجب أَن يكون تَخْصِيص الْعُمُوم لَا يمْنَع من الِاحْتِجَاج بِهِ
وعَلى أَن عندنَا إِنَّمَا لم يجز الِاحْتِجَاج بِمَا خص من الْعِلَل لِأَنَّهَا تظهر من جِهَة الْمُسْتَدلّ وَلَا يعلم صِحَّتهَا إِلَّا بِدَلِيل وَلَا شَيْء يدل عَلَيْهِ إِلَّا السَّلامَة والجريان وَلَيْسَ كَذَلِك الْعُمُوم فَإِنَّهُ يظْهر من جِهَة صَاحب الشَّرْع فَلَا يحْتَاج فِي صِحَّته إِلَى دَلِيل فَافْتَرقَا
قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِذا دخل التَّخْصِيص صَار كَأَنَّهُ أورد لفظ الْعُمُوم ثمَّ قَالَ أردْت بِهِ بعض مَا يتَنَاوَلهُ وَمَا هَذَا سَبيله لَا يحْتَج بِهِ فِيمَا أُرِيد بِهِ كَمَا تَقول فِي قَوْله تَعَالَى {إِن بعض الظَّن إِثْم} فَإِنَّهُ لَا يعلم من لَفظه مَا فِيهِ إِثْم إِلَّا بِدَلِيل
قُلْنَا إِنَّمَا لم يعلم المُرَاد من الْآيَة الَّتِي ذكروها لِأَنَّهُ علق ذَلِك على بعض مَجْهُول فاحتيج فِي مَعْرفَته إِلَى دَلِيل آخر وَفِي مَسْأَلَتنَا علق الحكم على لفظ يعلم مِنْهُ الْجِنْس فَإِذا تبين مَا لَيْسَ بِمُرَاد بَقِي الْبَاقِي على ظَاهره
وَاحْتج الْبَصْرِيّ بِأَن آيَة السّرقَة لَا يُمكن الْعَمَل بهَا حَتَّى تنضم إِلَيْهَا شَرَائِط لَا ينبىء اللَّفْظ عَنْهَا وَالْحَاجة إِلَى بَيَان الشَّرَائِط الَّتِي يتم بهَا الحكم كالحاجة إِلَى بَيَان الحكم وَقد ثَبت أَن مَا يفْتَقر إِلَى بَيَان الحكم مُجمل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فَكَذَلِك مَا يفْتَقر إِلَى شَرَائِط الحكم