لنا أَن كل مَعْنيين جَازَ إرادتهما بلفظين جَازَ إرادتهما بِلَفْظ يصلح لَهما كالمعنيين المتفقين وَذَلِكَ أَن تَقول إِذا أحدثت فَتَوَضَّأ تُرِيدُ بِهِ الْبَوْل وَالْغَائِط
وَلِأَن الْمَنْع من ذَلِك لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لِاسْتِحَالَة اجْتِمَاعهمَا فِي الْإِرَادَة كاستحالة الْعُمُوم وَالْخُصُوص والإيجاب والإسقاط أَو لِأَن اللَّفْظ لَا يصلح لَهما وَلَا يجوز أَن يكون للْوَجْه الأول لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِيل أَن يُرِيد بقوله {أَو لامستم النِّسَاء} الملامستين وَلَا أَن يُرِيد بقوله ثَلَاثَة أَقراء كلا الْقُرْأَيْنِ وَلِهَذَا يَصح أَن يُصَرح بهما فَيَقُول إِذا لمست بِالْيَدِ وجامعت فَتطهر وَإِذا طلقت فاعتدي بِثَلَاثَة أَقراء من الْحيض وَالطُّهْر
وَلَا يجوز أَن يكون لِأَن اللَّفْظ لَا يصلح لَهما لِأَن اللَّفْظ يصلح لَهما إِمَّا على سَبِيل الْحَقِيقَة أَو على سَبِيل الْمجَاز فَلم يكن للْمَنْع مِنْهُ وَجه
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْعبارَة الْوَاحِدَة لَا يجوز أَن يُرَاد بهَا مَا وضعت لَهُ حَقِيقَة وَمَا لم تُوضَع لَهُ حَقِيقَة وَلِهَذَا لَا يجوز أَن يُرَاد بِلَفْظ الْأَمر الْإِيجَاب والتهديد فَكَذَلِك هَاهُنَا
قُلْنَا هَذَا يبطل بِالْمَاءِ الْمَذْكُور فِي آيَة التَّيَمُّم فَإِن الْمُخَالف لنا فِي هَذَا حمله على المَاء والنبيذ وَهُوَ حَقِيقَة فِي أَحدهمَا دون الآخر
فَأَما الْإِيجَاب والتهديد فَلَا يجوز اجْتِمَاعهمَا فِي الْإِرَادَة فِي شَيْء وَاحِد فِي حَالَة وَاحِدَة بل عَلَيْهِ أَنه لَا يصلح أَن يُصَرح بهما جَمِيعًا وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِنَّهُ يصلح اجْتِمَاعهمَا فِي الْإِرَادَة على مَا بَيناهُ وَاللَّفْظ يصلح لَهما فصح إرادتهما كالمعنيين المتفقين
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يُرَاد بِلَفْظ وَاحِد مَعْنيانِ مُخْتَلِفَانِ لجَاز أَن يُرَاد بِاللَّفْظِ الْوَاحِد تَعْظِيم الرجل وَالِاسْتِخْفَاف بِهِ وَلما لم يجز ذَلِك لم يجز هَذَا
قُلْنَا التَّعْظِيم وَالِاسْتِخْفَاف مَعْنيانِ متضادان وَلَا تصح إرادتهما بِاللَّفْظِ