وألزمه قَوْله تَعَالَى {جدارا يُرِيد أَن ينْقض} والإرادة لَا تصح من الْجِدَار فَلم يجد عَن ذَلِك محيصا
وَاحْتَجُّوا بِأَن اسْتِعْمَال الْمجَاز لموْضِع الضَّرُورَة وَتَعَالَى الله بِأَن يُوصف بالاضطرار
وَالْجَوَاب أَنا لَا نسلم أَن اسْتِعْمَال الْمجَاز لموْضِع الضَّرُورَة بل ذَلِك عَادَة الْعَرَب فِي الْكَلَام وَهُوَ عِنْدهم مستحسن وَلِهَذَا تراهم يستعملون ذَلِك فِي كَلَامهم مَعَ الْقُدْرَة على الْحَقِيقَة وَالْقُرْآن نزل بلغتهم فَجرى الْأَمر فِيهِ على عَادَتهم
قَالُوا الْقُرْآن كُله حق وَلَا يجوز أَن يكون حَقًا وَلَا يكون حَقِيقَة
وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ الْحق من الْحَقِيقَة بسبيل بل الْحق فِي الْكَلَام أَن يكون صدقا وَأَن يجب الْعَمَل بِهِ والحقيقة أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ فِيمَا وضع لَهُ سَوَاء كَانَ ذَلِك صدقا أَو كذبا وَيدل عَلَيْهِ أَن قَول النَّصَارَى {الله ثَالِث ثَلَاثَة} وَهُوَ حَقِيقَة فِيمَا أرادوه وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لرجاله يَا أَنْجَشَة ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ وَلَيْسَ بِحَقِيقَة فِيمَا اسْتعْمل فِيهِ وَهُوَ صدق وَحقّ فَدلَّ على أَن أَحدهمَا غير الآخر