الثانية كَانَ تَجَمَّعَ لَدَيْنَا مصادر ومراجع كثيرة جِدًّا. وكان بعض هذه قد صدر بعد خروج الطبعة الأولى، كما كان بعضها قديمًا ولكن لم نستطع في ذلك الحين أن نصل إليه. على أن قسمًا كبيرًا من هذه الكتب لا ينطوي على مادة جديدة، ولم يكن من خطتنا أن نجمع الأشياء المتشابهة - وإن كان جمعها يفيد أحيانًا - لِئَلاَّ يزيد حجم الكتاب كثيرًا فيخرج من متناول القارئ العام ويفقد جانبًا من رسالته. وكذلك حرصنا على أن نقصر اعتمادنا في هذه الطبعة أيضًا، كما فعلنا في الطبعة السالفة، على المصادر الأجنبية مِمَّا بَيَّنَّا الغَايَةَ مِنْهُ فِي «الكلمة الأولى». ولكننا شذذنا عن هذه القاعدة فيما يتعلق بثلاثة كتب:

أ - " الغارة على العالم الإسلامي " (?) (*):

كانت مجلة " العالم الإسلامي " الفرنسية (?) قد نشرت موجزًا لمقررات عدد من المؤتمرات التي عقدها المبشرون البروتستانت بقلم أ. لو. شاتليه. وقد رأى مساعد اليافي ومحب الدين الخطيب أَنْ يُلَخِّصَا ما نشره لو. شاتليه وينشراه تباعًا في جريدة " المؤيد " التِي كَانَا يُحَرِّرَانِ فِيهَا، وذلك في سَنَةِ 1330 للهجرة (1912 م). ثم إنهما أعادا نشر هذه المقالات نفسها في جريدة " الفتح " المصرية سَنَةَ 1349 للهجرة (1930 م). بعدئذٍ جمعاها في كتاب مستقل صدر عن المطبعة السلفية ومكتبتها في العام التالي. ولا ريب في أَن وضع مثل هذا الكتاب في يد القارئ المسلم كان عظيم النفع. ولكن الكتاب في حقيقته خلاصة لجهود المبشرين كما يراها المبشرون، فهو وَإِنْ كَانَ يُنَبِّهُ عَلَى أَضْرَارِ التَّبْشِيرِ فإنه لا يربط جهود المبشرين بالنتائج الدينية والسياسية التي أدت فعلاً إلى الأضرار بالعالم الإسلامي. ثم إن هذا الكتاب خلاصة عربية لخلاصة فرنسية لمادة إنجليزية محدودة.

ومع أن جميع المُلَخَّصَاتِ في كتاب " الغارة على العالم الإسلامي " كانت في شكلها المطول وفي كتبها الأصلية من مصادر كتابنا " التبشير والاستعمار "، فإننا نعتقد أن كتاب " الغارة " هذا قد أَدَّى خِدْمَةً فِي زَمَنِهِ، وأن مساعد اليافي ومحب الدين الخطيب قد حاولا فتح عين المسلمين على شيء من أخطار التبشير منذ نحو جيلين من الدهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015