مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم.

تمثل كتب المصنفات والصحاح والسنن مصدراً مهماً من مصادر التاريخ الإسلامي المبكر، فهي لا تخلو من ذكر فتح أو غزوة أو سرية أو وصف متوقف أو حادثة أو مكان أو قول خليفة أو قائد أو والٍ ترجمت له، فتزيد من التفصيل المذكور عنه في المصادر التاريخية أو تذكر صوره أخرى له موافقة فتدعمه أو فيها زيادة فتجليه أو مغايرة فتعيد النظر في دراسته والموقف منه، ولذلك فإن عدم الرجوع إليها في الموضوعات التاريخية المشتملة عليها يعد قصوراً منهجيا في عدم استيفاء مادتها، ويبقى نتائج دراستها ناقصة. وإذا كانت كتب الصحاح عنيت أخيراً باهتمام المؤرخين والرجوع إليها، ودراسة منهجها في إيراد الحوادث التاريخية، فإن كثيراً من المصادر الحديثية الأخرى مازالت تحتاج إلى الاهتمام نفسه من قبل المؤرخين المحدَثين، فهي مظان كبيرة لجوانب عديدة من الأحداث التاريخية المختلفة.

إن غياب المصدر الحديثي في الدراسات التاريخية الحديثة يعد قصوراً منهجياً لا مبرر له، وقد آن الأوان لردم ما اتسع من الفجوة وإعادة التلازم والتراحم الذي كان قائماً بين هذين العلمين في صدر الدولة الإسلامية.

وقد ورد أصل الحادثة وذكرها بإجمال عند أصحاب المصنفات وجاء ذكرها بالتفصيل عند المؤرخين وقد يعود ذلك إلى أن الأولين يشترطون علواً ودقة في الإِسناد أكثر من المؤرخين، وهو ما ظل يراعيه أصحاب الصحاح وتساهل فيه المؤرخون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015