فَهَاهُنَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ. اخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِي رَجُلٍ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ: صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ. فَذَكَرَ الْخِلَافَ بَيْنَ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ. اُنْظُرْ الْوَجْهَ الرَّابِعَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ. وَقَالَ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَيْضًا: اخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِيمَنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ: تَتَّهِمُنِي فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ فَكَيْفَ أَنْتَ؟ اُنْظُرْهُ.
وَقَالَ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ: اسْتَفْسَرَ شَيْخُنَا ابْنُ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ تَنَقَّصَهُ آخَرُ بِشَيْءٍ فَقَالَ لَهُ: إنَّمَا تُرِيدُ نَقْصِي بِقَوْلِك وَأَنَا بَشَرٌ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَى بِإِطَالَةِ سِجْنِهِ وَإِيجَاعِهِ ضَرْبًا وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِقَتْلِهِ.
(وَالتَّثْبِيتُ فِي هُزِمَ) ابْنُ الْمُرَابِطِ: مَنْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُزِمَ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّهُ تَنَقُّصٌ.
(أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ أَوْ تَنَبَّأَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُسْلِمِ يُعْلِنُ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ يُسْتَتَابُ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ تَنَبَّأَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ (إلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ وَلَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ لَسَبَبْته) كَتَبَ قَاضِي كُورَةَ بِيَاسَةَ يَسْأَلُ عَنْ نَازِلَةٍ نَزَلَتْ بِغَرْنَاطَةَ فِي سَبِّ رَجُلٍ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ يَشُقُّ عَلَيْك إنْ رَاجَعْتُك بِاَللَّهِ لَوْ أَرَى نَبِيًّا سَبَّنِي أَوْ مَلَكًا لَرَدَدْت عَلَيْهِ، وَفِي رَجُلٍ عَشَّارٍ فَهِمَ مِنْ الْغَرِيمِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَكِيَ بِهِ فَقَالَ: اغْرَمْ وَاشْتَكِ لِلنَّبِيِّ فَرَاجِعْهُ. ابْنُ رُشْدٍ: يُقَالُ الْحَالِفُ بِاَللَّهِ لَوْ أَنَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا سَبَّهُ