وَجَبَ أَنْ لَا تُجْزِئَهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ انْكَشَفَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنَّهَا تُجْزِئُهُ

اُنْظُرْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرَ مِنْهَا: مَنْ شَكَّ هَلْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَسَلَّمَ عَلَى شَكِّهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ. وَمِنْهَا: مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ عَامِدًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مُسْتَقْبِلُهَا قَالَ الْبَاجِيُّ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. وَانْظُرْ أَيْضًا - مِنْ مَعْنَى هَذَا - نَقْلَ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا - وَعِنْدَهُ ثَوْبٌ نَجِسٌ -: إنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فَرْضَهُ الصَّلَاةُ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. وَكَانَ ابْنُ اللَّبَّادِ يُفْتِي أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بَنُو عُبَيْدٍ مِنْ الزَّكَاةِ يَجْزِي، وَإِنْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: لَا تُجْزِئُ لَمْ يُؤَدِّ النَّاسُ شَيْئًا فَلَأَنْ يُؤَدُّوا بِتَأْوِيلٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا عَامِدِينَ.

قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَكُنْت أَسْتَحِبُّ هَذَا، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُرَشِّحُ هَذَا وَيَقُولُ، إذَا ظَهَرَ لِلْإِنْسَانِ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ لِغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ فِي ذَاتِهِ، وَلَا يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَيُدْخِلَ عَلَيْهِمْ شَغَبًا فِي أَنْفُسِهِمْ وَحِيرَةً فِي دِينِهِمْ.

وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ أَقْدَمَ عَلَى شَيْءٍ مَعَ حَزَازَةٍ فِي قَلْبِهِ اسْتَضَرَّ بِهِ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُ، بَلْ لَوْ أَقْدَمَ عَلَى حَرَامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ حَلَالٌ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي قَسَاوَةِ قَلْبِهِ.

قَالَ الشَّاطِبِيُّ: إذَا قَصَدَ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فَشَرِبَ حِلَابًا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَعَلَيْهِ دَرْكُ الْإِثْمِ فِي قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ.

وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ: مَنْ فَعَلَ وَاجِبًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ إذْ فَعَلَ مَفْسَدَةً يَظُنُّهَا مَصْلَحَةً. ابْنُ شَاسٍ: وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فَلْيَجْتَهِدْ وَيَسْتَدِلَّ بِالْأَوْرَادِ وَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَيَحْتَاطُ، ثُمَّ إنْ وَقَعَتْ صَلَاتُهُ فِي الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ مَضَى كَالِاجْتِهَادِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015