أَحْسَنُ لِأَنَّ الظِّنَّةَ تَلْحَقُ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَهَذَا فِي الْمَالِ.
قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ أَخَذَ الْقَاضِي مَنْ سَرَقَهُ فَلَهُ قَطْعُهُ وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَنْ انْتَهَبَ مَالَهُ وَيُعَاقِبَهُ لِقَطْعِ أَبِي بَكْرٍ يَدَ الْأَقْطَعِ الَّذِي سَرَقَ عَقْدَ زَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ لَمَّا اعْتَرَفَ بِسَرِقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي فَأَقَامَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْقَاضِي عَدُوٌّ لَهُ فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ.
(وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْقَاضِي الْجَائِرُ تُرَدُّ أَحْكَامُهُ دُونَ تَصَفُّحٍ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةً فِي ظَاهِرِهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ صِحَّةَ بَاطِنِهَا.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَهُوَ فِسْقٌ يُرِيدُ وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ فَالْمَشْهُورُ الْفَسْخُ اهـ.
وَانْظُرْ فِي الِاجْتِهَادِ عِنْدَ قَوْلِهِ " إلَّا لِتَأَوُّلٍ عَلَى الْأَحْسَنِ " أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُعْذَرُ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْفِقْهِ.
وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنْ حَكَمَ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْأَدِلَّةِ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّخْمِينِ فِسْقٌ وَظُلْمٌ وَخِلَافُ الْحَقِّ، وَيُفْسَخُ هَذَا الْحُكْمُ وَغَيْرُهُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْغَيْرِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا حَكَمَ.
(أَوْ جَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ) الْمُتَيْطِيُّ: الْقَاضِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ الَّذِي عُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَاوِرُ فَلِلْقَاضِي الْوَالِي بَعْدَهُ أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْكَامَهُ؛ فَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ نَفَّذَهُ، وَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي بَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَافَقَ حُكْمَهُ قَوْلَ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ لَا يُعْمَلُ بِهِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ وَلَا يَفْسَخُهُ، وَمَا لَمْ يُصَادِفْ فِيهِ قَوْلَ قَائِلٍ نَقَضَهُ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ (وَإِلَّا تُعُقِّبَ وَمَضَى غَيْرُ الْجَوْرِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْقَاضِي الْعَدْلُ تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ؛ فَمَا هُوَ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ فِيهِ خِلَافٌ أُنْفِذَ، وَمَا هُوَ خَطَأٌ لَا خِلَافَ فِيهِ رُدَّ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَيُخْتَلَفُ فِي أَحْكَامِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ لَا تُرْضَى أَحْوَالُهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِمْ وَفِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْبِدَعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ: هِيَ كَأَحْكَامِ الْجَائِرِ لَا يَمْضِي إلَّا مَا عُلِمَ صِحَّةُ بَاطِنِهِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: كَأَحْكَامِ الْعَدْلِ الْجَاهِلِ يَمْضِي مِنْهَا مَا كَانَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ.
(وَلَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْقَاضِي الْعَدْلُ الْعَالِمُ لَا تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ وَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ لَهَا إنْ اُحْتِيجَ إلَى النَّظَرِ إلَيْهَا لِعَارِضِ خُصُومَةٍ أَوْ اخْتِلَافٍ فِي حَدٍّ لَا عَلَى وَجْهِ الْكَشْفِ وَالتَّعَقُّبِ لَهَا إنْ سَأَلَ ذَلِكَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَتُنَفَّذُ كُلُّهَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ النَّظَرِ إلَيْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ أَنَّهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ فَلْيُرَدَّ ذَلِكَ.
(وَنَقَضَ وَبَيَّنَ السَّبَبَ مُطْلَقًا) أَمَّا حُكْمُ نَفْسِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ، هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ بِخِلَافِ حُكْمِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ ضَرَرَ فَسْخِهِ؟ قَالَ مُطَرِّفٌ: فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِفَسْخِ قَضِيَّةِ نَفْسِهِ وَلَا فَسَّرَ وَجْهَ فَسْخِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إشْهَادُهُ عَلَى الْفَسْخِ يَكْفِيه.
قَالَ أَصْبَغُ: وَإِنَّمَا الْفَسْخُ الَّذِي لَا يَكُونُ شَيْئًا حَتَّى يُخَلِّصَ مَا رَدَّ بِهِ الْقَضِيَّةَ إذَا فَسَخَ حُكْمَ غَيْرِهِ.
(مَا خَالَفَ قَاطِعًا