مُطْلَقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: لَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ غَيْرُ عَدْلٍ لَكَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا قَوْلًا وَاحِدًا.
(وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ الْتَقَطَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا أَوْ عَرْضًا أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلْيُعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا تَمَّ أَمْرُهُ بِأَكْلِهَا، كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ، دِرْهَمٌ فَصَاعِدًا إلَّا أَنْ يُحِبَّ بَعْدَ السَّنَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَيُخَيَّرُ صَاحِبُهَا إنْ جَاءَ فِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوَابُهَا أَوْ يَغْرَمَهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا قَبْلَ السَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ (وَلَوْ كَالدَّلْوِ لَا تَافِهًا) سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لُقَطَةُ مِثْلِ الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ وَالْمِخْلَاةِ وَشِبْهَ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِطَرِيقٍ وَقَعَ بِأَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ وَإِنْ بِمَدِينَةٍ عُرِّفَ وَانْتُفِعَ بِهِ، وَالصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ هُوَ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ إنْ تُرِكَ، وَيَبْقَى فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ إنْ الْتَقَطَهُ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا جِدًّا لَا بَالَ لَهُ وَلَا قَدْرَ لَقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ لِتَفَاهَتِهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُعَرَّفُ وَهُوَ لِوَاجِدِهِ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ.
أَصْلُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» . وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَعْرِيفًا. وَقَدْ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الَّذِي يَجِدُ السَّوْطَ وَالْعَصَا أَنَّهُ يُعَرِّفَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا إلَّا أَنَّ لَهُ قَدْرًا وَمَنْفَعَةً وَقَدْ يَشِحُّ بِهِ صَاحِبُهُ فَيَطْلُبُهُ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْرِيفِهِ. وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي