اعْتِصَارُهَا، وَكَذَا هِبَتُهُ لِضَعْفِهِ وَخَوْفِ الْخَصَاصَةِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: كُلُّ هِبَةٍ لِوَلَدِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ لَا تُعْتَصَرُ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ.

(كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) الْبَاجِيُّ: إنْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْهِبَةِ أَوْ الْعَطِيَّةِ أَوْ النِّحْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ سَلَّطْتُ عَلَيْهَا حُكْمَ الِاعْتِصَارِ. فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ: لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ يَقْرِنْ بِهَا مَا يُخَلِّصُهَا لِلْقُرْبَةِ فَجَازَ فِيهَا الِاعْتِصَارُ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِيهَا الِاعْتِصَارَ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ: كُلُّ صَدَقَةٍ فَلَا اعْتِصَارَ فِيهَا لِلْوَالِدَيْنِ.

(إنْ لَمْ تَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ زَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ) لَوْ قَالَ: وَإِنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ لَا زَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ " لَوَافَقَ مَا يَتَقَرَّرُ.

قَالَ الْبَاجِيُّ: إذَا تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ فِي قِيمَتِهَا بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ إنْ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الِاعْتِصَارَ. قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ. لِأَنَّ الْهِبَةَ عَلَى حَالِهَا وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنَقْصُهَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي صِفَتِهَا فَلَمْ يَمْنَعْ الِاعْتِصَارَ كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ، وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ فِي عَيْنِهَا فَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: زِيَادَتُهَا فِي عَيْنِهَا وَنَقْصِهَا لَا يَمْنَعُ اعْتِصَارَهَا.

وَقَالَ أَصْبَغُ: بِمَنْعِ اعْتِصَارِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَ حَالَةِ ذِمَّةِ الْمُعْطِي تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ فَإِنَّ بِمَنْعِهِ تَغَيُّرَ الْهِبَةِ فِي نَفْسِهَا أَوْلَى وَأَحْرَى.

(وَلَمْ يُنْكَحْ وَلَمْ يُدَايَنْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلِلْأَبِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَ أَوْ نَحَلَ لِبَنِيهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصِّغَارِ أُمٌّ، لِأَنَّ الْيَتِيمَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ مَا لَمْ يُنْكَحُوا أَوْ يَسْتَحْدِثُوا دَيْنًا لِأَنَّهُ إنَّمَا أُنْكِحَ لِغِنَاهُ وَلِمَا أُعْطِيَ وَعَلَيْهِ دَايَنَهُ النَّاسُ.

وَكَذَلِكَ يَرْغَبُ فِي الِابْنَةِ وَيَرْفَعُ فِي صَدَاقِهَا فَلِذَلِكَ مُنِعَ الِاعْتِصَارُ، وَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ كَثِيرَةً مِمَّا يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَجْلِهَا، فَأَمَّا الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ فَلَا. وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ نَحَلَ ابْنَتَهُ غَلَّةً فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ رَجُلٌ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ فَقَدْ انْقَطَعَ الِاعْتِصَارُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَعُودُ دَيْنًا لَهَا أَوْ لَمْ يَبْقَ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَكَحَ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ أَوْ دَايَنَ ثُمَّ زَالَ الدَّيْنُ أَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ فَلَا اعْتِصَارَ لَهَا.

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ نَحَلَ ابْنَهُ أَوْ ابْنَتَهُ ثُمَّ نَكَحَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ نَحَلَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ فَذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يَتَدَايَنَا أَوْ يَمُوتَا.

(أَوْ يَطَأْ وَلَوْ ثَيِّبًا) مُحَمَّدٌ: إذَا وَهَبَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهِ فَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا لَمْ يَتَدَايَنْ الْوَلَدُ أَوْ تُنَمَّى الْهِبَةُ أَوْ يَطَأْهَا إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَيَفُوتُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِكْرًا وَلَمْ تَحْمِلْ.

قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ.

(أَوْ يَمْرَضُ كَوَاهِبٍ) قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: إنْ مَرِضَ الْأَبُ وَالِابْنُ فَلَا اعْتِصَارَ فِي مَرَضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ فَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامَلْ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: مِثْلُهُ فِي الْأَبِ. قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ الْمُعْتَصَرَ مِنْهُ الْمُعْتَصِرُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَصْبَغُ: إذَا امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ بِمَرْضِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِنِكَاحِ الْوَلَدِ أَوْ بِدَيْنٍ ثُمَّ زَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015