قَوْلُهُ: " الرَّقَبَةُ " يَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَغَيْرَهُ.
(وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا أَوْ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ) ابْنُ شَاسٍ: لَهُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ إلَى حَدٍّ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا وَيَنْتَقِدُ، فَأَمَّا مَا لَا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهَا فِيهِ لِطُولِ الْمُدَّةِ أَوْ لِضَعْفِ الْبِنَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ دُونَ النَّقْدِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَبْقَى إلَى الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا إلَيْهَا. وَلَوْ أَجَّرَ سِنِينَ وَلَمْ يُقَدِّرْ حِصَّةَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ كَمَا فِي الْأَشْهُرِ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَالدَّوَرَانُ بَيْنَ ذَلِكَ فِيهَا جَائِزٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْإِجَارَةِ فِيهِ بِشَرْطٍ. ابْنُ يُونُسَ: تَجُوزُ إجَارَةُ الدُّورِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا لِكُلِّ سَنَةٍ عَشَرَةٌ؟ قَالَ: لَا، بَلْ تُحْسَبُ عَلَى قَدْرِ نَفَاقِهَا كُلَّ سَنَةٍ.
(وَكِرَاءُ أَرْضٍ تُتَّخَذُ مَسْجِدًا مُدَّةً وَالنَّقْضُ لِرَبِّهِ إذَا انْقَضَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَتْ الْأَرْضُ إلَى رَبِّهَا وَكَانَ النَّقْضُ لِمَنْ بَنَاهُ.
قَالَ سَحْنُونَ: وَيَجْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَبْيَنُ وَلَيْسَ مِثْلُ الْأَرْضِ تُسْتَحَقُّ وَقَدْ بَنَيْت مَسْجِدًا يُرِيدُ فَهَذَا يَجْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالْآخَرُ إنَّمَا جَعَلَهُ لِلَّهِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِهَا. ابْنُ يُونُسَ: كَمَنْ دَفَعَ فَرَسَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ غَزْوَةً ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ.