ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ قَالَ خُذْ دَابَّتِي فَاعْمَلْ عَلَيْهَا شَهْرًا لِنَفْسِكَ وَتَعْمَلُ عَلَيْهَا شَهْرًا لِنَفْسِي لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي مِثْلِ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَشِبْهِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنِ الْقَاسِم: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ وَيَنْقُدَهُ الْإِجَارَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ إلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ قَالَ: وَجَائِزٌ النَّقْدُ فِيهِ إذَا كَانَ يَقْبِضُهُ إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَمَسْأَلَتُكَ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَنْقُدَهُ كِرَاءَهُ الْآنَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ دَابَّتَهُ هَذَا الشَّهْرَ هُوَ أُجْرَتُهُ، وَأَمَّا فِي الْخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فَهُوَ مِثْلُ الَّذِي أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا أَجَازَ أَنْ يَكْتَرِيَ الرَّجُلُ دَارًا يَسْكُنُهَا سَنَةً بِسُكْنَى دَارٍ لَهُ السَّنَةَ الْمُقْبِلَةَ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ. ابْنُ يُونُسَ: لِقِلَّةِ أَمْنِ الْحَيَوَانِ فَصَارَ النَّقْدُ فِيهِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ عَمْدًا وَلَا غَرَرَ فِيمَا قَرُبَ اهـ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ الْأَكْرِيَةِ: إذَا قَالَ: خُذْ حِمَارِي اعْمَلْ عَلَيْهِ شَهْرًا لِنَفْسِكَ وَشَهْرًا لِي لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِنَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِكِرَاءٍ نَقَدَهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا بَعْدَ شَهْرٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ. وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ عَلَى دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِأَعْيَانِهَا لَا تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ أَوْ الْغَنَمِ. رَاجِعْهُ فِيهِ.
(وَصَاعِ دَقِيقٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَاجِرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ إذْ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ. وَلَوْ أَجَّرْته يَطْحَنُهُ لَكَ بِدِرْهَمٍ وَبِقِسْطٍ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونٍ قَبْلَ أَنْ يَعْصِرَهَا جَازَ ذَلِكَ، وَلَوْ بِعْت مِنْهُ دَقِيقَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ قَبْلَ أَنْ يَطْحَنَهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الدَّقِيقَ لَا يَخْتَلِفُ، فَإِنْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْحِنْطَةُ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ. وَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ وَالدَّقِيقُ مُخْتَلِفًا خُرُوجُهُ إذَا عُصِرَ وَطُحِنَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِيهِ حَتَّى يُطْحَنَ أَوْ يُعْصَرَ. وَقَدْ خَفَّفَ مَالِكٌ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعَ طَحْنَهَا إذْ لَا يَكَادُ الدَّقِيقُ يَخْتَلِفُ، وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مُخْتَلِفًا مَا جَازَ.