بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَأَنْعَمَ حَرْثَهَا لِيَزْرَعَهَا قَالَ: الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَأَخَذَهَا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّذِي اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدِهِ إنْ شِئْتَ فَاغْرَمْ كِرَاءَهَا، وَإِنْ شِئْتَ أَسْلِمْهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ لَكَ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ زَبَّلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكٌ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ إذْ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ، وَإِنَّمَا عَمِلَ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ فَلَا يُظْلَمُ عَمَلَهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ لِابْنِ يُونُسَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى بِهِ إذَا أَجَازَ الْكِرَاءَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَلِيلٌ قَصَدَهُ وَتَدْخُلُ لَهُ مَسْأَلَةُ يَحْيَى.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ " وَإِنْ شِئْتَ فَأَسْلِمْهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ " عَلَى غَيْرِ أَصْلِ قَوْلِهِ بَلْ يَنْبَغِي إذَا أَبَى أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كِرَائِهَا ذَلِكَ الْعَامَ، رَبُّ الْأَرْضِ بِقِيمَةِ كِرَائِهَا غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ وَرَبُّ الْحَرْثِ بِقِيمَتِهِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَهُوَ يَظُنُّهَا مَوَاتًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ: إنَّهُ يُقَالُ لَهُ ادْفَعْ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَخُذْهَا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ أَعْطِهِ قِيمَةَ الْأَرْضِ، فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْعِمَارَةِ، هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَهَذَا بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَوِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَهُ عَلَى حِدَتِهِ، وَأَمَّا بِمَا زَادَتْ الْعِمَارَةُ فَقَدْ لَا تَزِيدُ الْعِمَارَةُ فِي مِثْلِ هَذَا.

(وَفِي سِنِينَ يَفْسَخُ أَوْ يَمْضِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِلْبِنَاءِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمَدِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعًا فَالْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ إلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ بَقِيَّةَ كِرَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ يَفْسَخَ. ابْنُ يُونُسَ: وَلَا يُجِيزُ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُجِيزُ جَمْعَ السِّلْعَتَيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ لِيُجِيزَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَالَ: فَإِنْ أَجَازَهُ فَلَهُ حِصَّةُ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ. اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ بَنَى ".

(وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ وَانْتَقَدَ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ وَأَمِنَ هُوَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ فَلَمْ يَنْقُدْهُ الْكِرَاءَ حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فِي نِصْفِ السَّنَةِ، فَكِرَاءُ مَا مَضَى لِلْأَوَّلِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ فَسْخُ مَا بَقِيَ أَوْ الرِّضَا بِهِ فَيَكُونُ لَهُ كِرَاءُ بَقِيَّةِ السَّنَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْكِرَاءَ فَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ فِرَارًا مِنْ عُهْدَتِهِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْكُنُ، فَإِنْ عَطِبَتْ الدَّارُ أَدَّى بِحِسَابِ مَا سَكَنَ. وَلَوْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ كِرَاءَ السَّنَةِ كُلِّهَا لَدَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ كِرَاءَ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ يَخَفْ مِنْ دَيْنٍ أَحَاطَ بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015