بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: تَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ.
وَابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ. اُنْظُرْ ثَالِثَ تَرْجَمَةٍ مِنْ ابْنِ يُونُسَ (وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا كَهُوَ) . ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا: مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ قَبِلَهُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ (وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشْتَرِي يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَلْبَسُ الثِّيَابَ فَقَالَ مَالِكٌ: لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْهُوبِ فَلَا يَتْبَعُهُ الْمُسْتَحِقُّ إلَّا إنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ.
وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا غَرِمَ أَتْبَعَ الْغَاصِبَ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ إذَا أُغْرِمَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إذْ لَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ أَلْبَسْ عَلَى مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَبْتَدِئُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: بِهَذَا أَقُولُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَارِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ غَصَبَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا فَوَهَبَهُمْ لِرَجُلٍ فَاغْتَلَّهُمْ وَأَخَذَ كِرَاءَهُمْ ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ أَوَّلًا بِالْغَلَّةِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَأَكَلَهُ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ، أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَبَاعَهَا وَأَكَلَ ثَمَنَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبُ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ نَفْسَهُ اغْتَلَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ كِرَاءَ الدَّارِ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ، وَالْكِرَاءَ وَلَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَوْهُوبُ لَا يَكُونُ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْوَارِثِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ قَمْحًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَأَكَلَ لَحْمَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ غُرْمَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يُوضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ. وَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَانْتِفَاعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَقَامَتْ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالرَّبْعِ لَوْ انْهَدَمَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، فَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ أَكَلَ وَلَبِسَ لَمْ يَضَعْ عَنْهُ الِاشْتِرَاءُ الضَّمَانَ كَانَ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ فَاسْتُغِلَّ أَحْرَى أَنْ يَرُدَّ مَا اُسْتُغِلَّ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّ مَنْ وَهَبَ