الصَّانِعِ وَالْمُرْتَهِنِ يَدَّعِي ضَيَاعَهُ بَعْدَ أَنْ رُئِيَ عِنْدَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَهَؤُلَاءِ لَا يَضْمَنُونَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبَضُوهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَبَضُوهُ عَلَى الضَّمَانِ فَلَمَّا غَيَّبُوهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَبَضُوهُ لِيَسْتَهْلِكُوهُ فَأَشْبَهُوا الْمُتَعَدِّيَ، وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ لَكِنْ قَدْ قِيلَ: إنَّهُ إذَا لَبِسَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ لَبِسَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي لُبْسِهِ. وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا اُنْظُرْهُ فِي ثَالِثِ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ. وَانْظُرْ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ عَلَى الْبَائِعِ نَقَلَ ابْنُ سَلْمُونَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ ادَّعَى مَدْفَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ " لَا إنْ قَالَ: دَارِهِ ". وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى فِي الْبَضَائِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اسْتَحَقَّتْ مِنْ يَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّهَا أُنْتِجَتْ عِنْدَ بَائِعِهَا: إنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ.
وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ رَأْيَ أَشْهَبَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ بِسَبَبِكَ وَصَلَ إلَيَّ الْغُرْمُ.
(وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً فَبَاعَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَهِيَ بِحَالِهَا، فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهَا وَإِنْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْغَاصِبِ.
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ، غَرِمَ الْمُبْتَاعُ الْقِيمَةَ لِرَبِّهِ يَوْمَ لَبِسَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ. وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ مِنْ