غَيْرِ صِيَاغَتِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصَبَهُ (كَكَسْرِهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَسَرَ الْحُلِيَّ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ.

(أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ) ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سَكَنَ دَارًا غَاصِبًا لِلسُّكْنَى مِثْلُ مَا سَكَنَ السُّدَّةَ حِينَ دَخَلُوا فَانْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، فَلَا يَضْمَنُ إلَّا قِيمَةَ السُّكْنَى إلَّا أَنْ تَنْهَدِمَ مِنْ فِعْلِهِ. وَأَمَّا لَوْ غَصَبَهُ رَقَبَةَ الدَّارِ ضَمِنَ مَا انْهَدَمَ وَكِرَاءَ مَا سَكَنَ. انْتَهَى وَانْظُرْ فِي. ابْنِ يُونُسَ هُنَا إذَا اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا فَاغْتَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَسَكَنَ أَوْ زَرَعَ أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى الْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ سُلْطَانًا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا صَوَابٌ؛ لِأَنَّ مَنْعَ السُّلْطَانِ كَمَنْعِ مَا هُوَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ كَهَدْمِ الدَّارِ وَقَحْطِ الْأَرْضِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا نَزَلَ سُلْطَانٌ عَلَى مُكْتِرٍ فَأَخْرَجَهُ وَسَكَنَ الدَّارَ أَنَّ الْمُصِيبَةَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُكْتَرِي مَا سَكَنَهُ السُّلْطَانُ.

(أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَدَّمَ الْغَاصِبُ الطَّعَامَ إلَى الْمَالِكِ فَأَكَلَهُ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ فَأَكَلَهُ لَبَرِئَ الْغَاصِبُ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ نَقَلَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ،. فَأَمَّا مَا أَكَلَهُ طَوْعًا فَالْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يُحَاسَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَوْ طَعِمَهُ مِنْ مَالِهِ مِمَّا لَيْسَ بِسَرَفٍ فِي حَقِّ الْآكِلِ، وَأَمَّا مَا أَكَلَهُ مُكْرَهًا فَهُوَ كَمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى إتْلَافِ مَالٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

(أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا اغْتَصَبَهُ غَاصِبٌ فَأَدْرَكَهُ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَى نَقْصِ قِيمَتِهِ بِاخْتِلَافِ سُوقِهِ، طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ سِنِينَ أَوْ كَانَ سَاعَةً وَاحِدَةً إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ بَدَنِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي فِي حَبْسِ الدَّابَّةِ مِنْ مُكْتِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ يَأْتِي بِهَا أَحْسَنَ حَالًا، فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ الْكِرَاءِ أَوْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا إلَّا فِي الْحَبْسِ الْيَسِيرِ لَا تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا أَصْلُهُ أَمَانَةٌ فَتَعَدَّى فِيهِ بِإِكْرَاهٍ أَوْ رَكِبَهُ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ، فَهَذَا سَبِيلُهُ وَهُوَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ. ابْنُ يُونُسَ: الْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُتَعَدِّي، وَكَمَا كَانَ يَضْمَنُ فِي النَّقْصِ الْيَسِيرِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ فِي نَقْصِ السُّوقِ. وَقَدْ نَحَا ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا لَوْلَا خَوْفُ مُخَالَفَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015