وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا أُبَالِي إذْ هُوَ مَاتَ فَالْحَمَالَةُ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ بِالْبَلَدِ. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ أَشْهَبَ هُوَ نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ.
(وَرَجَعَ بِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ غَابَ الْغَرِيمُ فَقَضَى عَلَى حَمِيلِ الْوَجْهِ بِالْمَالِ فَأَدَّاهُ ثُمَّ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ أَخَذَ بِهِ الْحَمِيلُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَمَالَةُ بِالنَّفْسِ مَا كَانَ حَيًّا.
(وَبِالطَّلَبِ) يَعْنِي وَصَحَّ بِالْوَجْهِ وَبِالطَّلَبِ. قَالَ مَالِكٌ: لَوْ شَرَطَ حَمِيلُ الْوَجْهِ أَنِّي أَطْلُبُهُ فَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ بَرِئْتَ مِنْ الْمَالِ وَلَكِنْ عَلَيَّ طَلَبُهُ حَتَّى آتِي بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا شَرَطَ. ابْنُ الْمَوَّازِ: أَوْ يَقُولُ: لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ فَهَذَا لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالْوَجْهِ، غَابَ أَوْ حَضَرَ أَوْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ، وَلَا يُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِمَكَانِهِ فَلْيُحْبَسْ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ مِمَّا يَرْجُو بِهِ إحْضَارَهُ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ غَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ جَاءَ بِالرَّجُلِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ إحْضَارُهُ فَفَرَّطَ فِيهِ حَتَّى أَعْوَزَهُ فَهَذَا قَدْ غَرَّهُ.
(وَإِنْ فِي قِصَاصٍ) اللَّخْمِيِّ: لَوْ كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ بِجُرْحٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا أَنْ يَتَكَفَّلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَجَازَ الْكَفَالَةُ بِطَلَبِهِ خَاصَّةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لِحَقِّ اللَّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتْرَكَ بِحَمِيلٍ وَالْحُكْمُ أَنْ يُسْجَنَ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
(كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ: أَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَطْلُبَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ.
(أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الْمَالِ إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْعَيْنَ، فَإِنْ أَحْضَرَهُ بَرِئَ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَيَنْفَعُهُ الشَّرْطُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَيُفَرِّطُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَتْرُكُهُ أَوْ يُغَيِّبُهُ حَتَّى يَذْهَبَ فَيَكُونَ ضَامِنًا لِلْمَالِ بِإِهْلَاكِهِ إيَّاهُ، وَمَا لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ خَاصَّةً عَلَى مَا اُشْتُرِطَ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَبِ اخْتِلَافٌ (أَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) تَقَدَّمَ مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ الْمَوَّازِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَبِالطَّلَبِ " وَلِابْنِ رُشْدٍ بَحْثٌ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْهُ فِي الْمُقَدَّمَاتِ.
(وَطَلَبَهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ الطَّالِبُ: هُوَ بِمَوْضِعِ كَذَا فَاخْرُجْ إلَيْهِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْحَمِيلِ يَقْوَى عَلَى الْخُرُوجِ إلَيْهِ أُمِرَ بِذَلِكَ، وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ. الْمُتَيْطِيُّ: فَإِنْ خَرَجَ لِطَلَبِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ تَشَدَّدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ تَقْصِيرٌ وَعَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ بَرِئَ