سَحْنُونَ: مَنْ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ دَيْنٌ جَحَدَهُ وَأَقَرَّ لَهُ سِرًّا فَصَالَحَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ سِرًّا إنِّي إنَّمَا أُصَالِحُهُ؛ لِأَنَّهُ جَحَدَنِي وَلَا أَجِدُ بَيِّنَةً فَإِنْ وَجَدْت قُمْت عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ إنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ قَبْلَ الصُّلْحِ.
ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ اهـ. وَوَقَعَ لِأَصْبَغَ: إشْهَادُ السِّرِّ لَا يَنْفَعُ إلَّا عَلَى الَّذِي لَا يُنْتَصَفُ مِنْهُ مِثْلِ السُّلْطَانِ وَالرَّجُلِ الْقَاهِرِ (لَا إنْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يُشْهِدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الَّذِي صَالَحَ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ فِي حِينِ الصُّلْحِ فَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً.
(أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ فَقِيلَ لَهُ حَقُّكَ ثَابِتٌ فَائْتِ بِهِ فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ) مُطَرِّفٌ: لَوْ أَنَّ الَّذِي ضَاعَ صَكُّهُ قَالَ لَهُ غَرِيمُهُ حَقُّكَ ثَابِتٌ فَائْتِ بِالصَّكِّ فَامْحُهُ وَخُذْ حَقَّكَ فَقَالَ قَدْ ضَاعَ أَنَا أُصَالِحُكَ فَيَفْعَلُ ثُمَّ يَجِدُ ذِكْرَ الْحَقِّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ غَرِيمَهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِلِاسْتِعْجَالِ فَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْن الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَعَدَّى الْمُكْتَرِي الْمَسَافَةَ فَضَلَّتْ الدَّابَّةُ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا ثُمَّ وُجِدَتْ فَقَالَ لِلْمُكْرِي لَوْ شَاءَ لَمْ يُعَجِّلْ.
(وَعَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ مِنْ عَرَضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مَوْرُوثِهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ وَزَوْجَةٍ وَتَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ حَاضِرَةً وَعُرُوضًا حَاضِرَةً وَغَائِبَةً وَعَقَارًا فَصَالَحَ الْوَلَدُ الزَّوْجَةَ عَلَى دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَقَلَّ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا بَاعَتْ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَغَائِبَةً وَدَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ نَقْدًا وَذَلِكَ حَرَامٌ، وَإِنْ صَالَحَهَا الْوَلَدُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، لَمْ يَجُزْ. فَأَمَّا عَلَى عُرُوضٍ مِنْ مَالِهِ نَقْدًا فَجَائِزٌ بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَحُضُورِ أَصْنَافِهَا وَحُضُورِ مَنْ عَلَيْهِ الْعَرَضُ وَإِقْرَارُهُ، يُرِيدُ وَالْعَرَضُ الَّذِي أَعْطَاهَا مُخَالِفٌ لِلْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَقِفَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يَجُزْ.
اُنْظُرْ قَوْلَهُ " بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ " فَإِنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَبَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَرْقٌ. اُنْظُرْ رَسْمَ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الدَّعَاوَى وَالصُّلْحِ (أَوْ كَثُرَتْ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ) ابْنُ عَرَفَةَ: صُلْحُ الْوَارِثِ بِقَدْرِ حَظِّهِ فِي صِنْفِ مَا أَخَذَهُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ لِمَا سِوَاهُ وَاهِبٌ وَبِزَائِدٍ عَنْ حَظِّهِ فِيهِ بَائِعٌ حَظَّهُ فِي غَيْرِهِ بِالزَّائِدِ فَيُعْتَبَرُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ وَتَعَجُّلُ قَبْضِ مَا مَعَهُ وَشَرْطُ بَيْعِ الدَّيْنِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ وَإِقْرَارِهِ.
وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ: أَنْ تُرَدَّ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَذَلِكَ كُلُّهُ حَاضِرٌ لَا دَيْنَ فِيهِ وَلَا شَيْءَ غَائِبٌ فَصَالَحَهَا الْوَلَدُ عَلَى دَنَانِيرَ مِنْ التَّرِكَةِ، يُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ يَسِيرَةً. اللَّخْمِيِّ: يَعْنِي إنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَمَانِينَ فَأَعْطَى الْوَلَدَ وَالزَّوْجَةَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَأَقَلَّ جَازَ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْطَوْهَا الْعَشَرَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَآهُ رِبًا وَكَأَنَّهَا