الدَّيْنُ أَوْ وُهِبَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَبَضَ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ فَيَقُولَ اُتْرُكْهُ عِنْدِي) اللَّخْمِيِّ: الرَّهْنُ مَضْمُونٌ وَإِنْ قَضَى مَا رَهَنَ فَهِيَ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُمَا إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلرَّاهِنِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك وَدِيعَةً فَيَكُونَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْقَضَاءِ مَوْجُودًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فَقَضَى مَا رَهَنَ فِيهِ ثُمَّ قَامَ الرَّاهِنُ وَتَرَكَهُ كَانَ وَدِيعَةً وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ إنْ قَالَ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ.
(وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ أَعْدَمَ وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ وَإِلَّا أُسْلِمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفْعِ الدَّيْنِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْدَمًا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا قِيلَ لَهُ أَتَفْدِيهِ أَمْ تُسَلِّمُهُ؟ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، فَإِذَا حَلَّ أَدَّى الدَّيْنَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَإِنْ فَلِسَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ ثَبَتَتْ أَوْ اعْتَرَفَا وَأَسْلَمَهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ وَأَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ارْتَهَنَ عَبْدًا فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خُيِّرَ السَّيِّدُ أَوَّلًا، فَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى رَهْنِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا، فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ بِمَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَبَقِيَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ.
وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ الدِّينِ وَلَا يَكُونُ مَالُهُ رَهْنًا بِأَرْشٍ وَلَا دَيْنٍ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الدَّيْنِ أَوَّلًا، وَإِنْ أَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِيعَ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ فَفَدَى بِمَا فَدَاهُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ سَاوَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ لَمْ يَتْبَعْ السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فَدَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَتَبِعَهُ بِدَيْنِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ الْفَضْلُ مِنْ رَقَبَتِهِ فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يُصَدَّقُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ " أَوْ اعْتَرَفَا " قَبَضَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ (وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْ إلَّا فِي الْأَجَلِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ ثَلَاثٍ: بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ، أَوْ يَفْتَدِيَهُ فَيَكُونَ رَهْنًا إلَى أَجَلٍ، أَوْ يَفْتَكَّهُ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَيَكُونَ لَهُ الْعَبْدُ بَتْلًا وَيَتْبَعُ السَّيِّدَ بِحَقِّهِ إلَّا