وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ أَيْضًا، وَهَذَا أَبْيَنُ. وَكَانَ ابْنُ شَبْلُونَ يُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
(فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا؟ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. فَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ: " أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك " كَانَتْ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: " لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِفَضْلَةِ الرَّهْنِ عَنْ دَيْنِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ ". مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ نَخْلًا بِبِئْرِهَا أَوْ زَرْعًا أَخْضَرَ بِبِئْرِهِ فَانْهَارَتْ الْبِئْرُ فَأَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يُصْلِحَ فَأَصْلَحَهَا الْمُرْتَهِنُ لِخَوْفِ هَلَاكِ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَكِنْ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي الزَّرْعِ وَفِي رِقَابِ النَّخْلِ يَبْدَأُ فِيهِ بِنَفَقَتِهِ، فَمَا فَضَلَ كَانَ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ لِرَبِّهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِنَفَقَتِهِ وَبِمِقْدَارِ دَيْنِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَافْتِدَائِهِ الْعَبْدَ الرَّهْنَ إذَا جَنَى.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إذَا خَافَ الرَّاهِنُ هَلَاكَ الزَّرْعِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَهُ فِيهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِمَبْلَغِ نَفَقَتِهِ مِنْ ثَمَنِ الزَّرْعِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَمَا فَضَلَ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ،