أَجَلِ السَّلَمِ؟ أُخِذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْوَجْهَانِ: وَانْظُرْ إذَا أَسْلَمَ لَهُ دِينَارًا عَلَى رِطْلِ حَرِيرٍ لِعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ بَعْدَ عَشَرَةٍ بَاعَ مِنْهُ رِطْلَ الْحَرِيرِ بِرُبْعِ كَتَّانٍ قَبَضَهُ فَقَدْ صَارَ الدِّينَارُ سَلَمًا فِي هَذَا الْكَتَّانِ الَّذِي قَبَضَ، وَصَارَ الْكَتَّانُ بِنَفْسِهِ سَلَمًا عَلَى رِطْلِ حَرِيرٍ يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ خَالٍ عَنْ أَجَلِ السَّلَمِ.
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فِي رَعْيٍ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ عَقْدِ السَّلَمِ وَالِاقْتِضَاءِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ طَرِيقَانِ لِلْأَشْيَاخِ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ فِي رَعْيِ بَقَاءِ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ الِاقْتِضَاءِ لِحُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ إذَا اعْتَاضَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ. اُنْظُرْ أَوَّلَ السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَرُدَّ زَائِفٌ " (وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ السَّلَمِ) الْبَاجِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ يَعْنِي مِنْ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ فِيهِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ هَذَا.
وَقَالَ أَيْضًا فِي بَابٍ آخَرَ: مَنْ أَسْلَمَ عَيْنًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ فِي شَيْءٍ غَيْرِ الطَّعَامِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ فَيَتَحَرَّزَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ مَعْنًى وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَجُوزَ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيمَا أَخَذَ، لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ النَّقْدِ لَا يَفْسُدُ فِيهِ إلَّا مَا يَفْسُدُ مَعَ النَّقْدِ، فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُرَاعَ رَأْسُ الْمَالِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ دَنَانِيرَ وَيَبِيعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِوَرِقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ مَا اُبْتِيعَ مِنْ عَمْرٍو، وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَيُرَاعَى لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّمَنِ عِوَضُ مَا يَبِيعُهُ (لَا طَعَامٌ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ مُحْرِزٍ.
وَمِنْ رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ السَّلَمِ إذَا بَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهِ زَيْتًا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا. وَانْظُرْ إذَا بَاعَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ جَائِزٌ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِكَ إلَخْ.
وَقَالَ الْغَرْنَاطِيُّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يَكُونَ طَعَامًا بِعَرْضٍ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا بِهِ وَيُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَكَوْنُ الثَّمَنِ نَقْدًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُبْتَاعُ عَدُوًّا لِلْغَرِيمِ. الْبُرْزُلِيِّ: وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ مِنْ أَجَلِهِ، أَوْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ؟ وَأَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَحْمٍ بِحَيَوَانٍ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً ".
(وَذَهَبٍ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ وَعَكْسُهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ". ابْنُ مُحْرِزٍ: مِنْ شَرْطِ جَوَازِ اقْتِضَاءِ غَيْرِ جِنْسِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ بَيْعُهُ بِالْمُقْتَضَى فَيُمْنَعُ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ وَالْمُقْتَضَى عَنْ غَيْرِ الطَّعَامِ فِضَّةٌ وَالْعَكْسُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْبَاجِيِّ أَنَّ غَيْرَ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُرَاعَى إنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا أَيْضًا لَا يُرَاعَى هَذَا الشَّرْطُ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِهِ.