كَانَ إلَى أَجَلٍ لَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِيهِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. قَالَ: فَأَمَّا مَنْ أَتَى إلَى رَجُلٍ عِنْدَهُ عَشَرَةَ أَرْطَالِ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ قِدْرًا أَوْ قُمْقُمًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَوَصَفَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ يَشْرَعُ فِي عَمَلِهِ عَاجِلًا. قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ تَوْرَ نُحَاسٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ لَهُ إذَا أَرَاهُ النُّحَاسَ وَزْنَهُ وَوَصْفَهُ هَذَا مَا يَعْمَلُهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ ظِهَارَةٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا لَهُ قَلَنْسُوَةً، وَالْحِذَاءُ عَلَى أَنْ يَحْذُوَ لَهُ وَيَشْرَعَ فِي ذَلِكَ.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَفَرْقٌ بَيْنَ الثَّوْبِ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ نَسْجَهُ وَالتَّوْرِ النُّحَاسِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ عَمَلَهُ، أَنَّ النُّحَاسَ إنْ جَاءَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ أَعَادَهُ لَهُ، وَالثَّوْبُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُدْرَى كَيْفَ تَخْرُجُ بَقِيَّتُهُ. اهـ عَلَى مَسَافَةٍ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَأَمَّا اللَّخْمِيِّ فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ لَهُ تَوْرًا: إنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي يَشْتَرِطُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يَصْنَعَهُ عَلَى الصِّفَةِ قَالَ: إلَّا إنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُعِيدَ نَقَصَ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الثَّانِي إلَّا دُونَ الْأَوَّلِ اهـ.
وَلِلَّخْمِيِّ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ نَسْجَهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّوْبِ يُشْتَرَطُ صَبْغُهُ، وَشِرَاءُ الْعُودِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ لَهُ تَابُوتًا. هَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَادَ لِهَيْئَتِهِ الْأُولَى قَالَ: فَأَمَّا إنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ إذَا شَرَطَ عَلَى بَائِعِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ لَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ إذَا صَنَعَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. قَالَ: وَذَلِكَ كَاَلَّذِي يَشْتَرِي الْقَمْحَ عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ بَائِعُهُ، وَالزَّيْتُونَ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ كَيْلًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ.
قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ فِي الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يُنْسَجَ وَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ عَلَى مَا وَصَفَ أَخَذَهُ وَنَقَدَ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ لِبَائِعِهِ جَازَ اهـ. اُنْظُرْ عَلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرَّارِ يَكُونُ الثَّوْبُ بِيَدِهِ يَعْمَلُهُ فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُ التَّاجِرُ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ لَهُ عَلَى هَذَا.
الْمَأْخَذِ (وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالْخَبَّازِ وَهُوَ بَيْعٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " زَائِدٌ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ " وَهَذِهِ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ: السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ جَائِزٌ عَلَى الْحُلُولِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُخَالِفُ السَّلَمُ