قَوْلُهَا إنَّهُ أَصَابَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ صَبْرِهِ مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ (وَهَلْ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهَا الثَّمَنُ فَكَقَدْرِهِ؟ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: أَمَّا لَوْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ يَعُودُ بِالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ فَهَاهُنَا طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ كَالْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا) ابْنُ بَشِيرٍ: أَمَّا السَّلَمُ فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيْضًا لَكِنَّ السَّلَمَ هُوَ وِزَانُ الْمُشْتَرِي فِي بِيَاعَاتِ النَّقْدِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ وِزَانُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ هُوَ يَقْبِضُ الثَّمَنَ، وَيَنْظُرُ فِي أَيِّ شَيْءٍ اخْتِلَافُهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ مَضْمُونٍ إلَى أَجَلٍ فَاخْتَلَفَا عِنْدَ الْأَجَلِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَاتَّفَقَا فِي النَّوْعِ، فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَ ثَلَاثَةَ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ بَلْ أَرْبَعَةَ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ بِقُرْبِ مُبَايَعَتِهِمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا. ابْنُ يُونُسَ: جُعِلَ اخْتِلَافَهُمَا بِقُرْبِ الْبَيْعِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي بَيْعِ النَّقْدِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَبَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ السَّلَمَ كَانَ فِيهِ مِنْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَرْضٍ فَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَاتَّفَقَا فِي التَّسْمِيَةِ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَيَحْلِفُ وَالْمُبْتَاعُ مُدَّعٍ (وَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ فَسَلَمٌ وَسَطٌ) ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ حُمِلَا عَلَى سَلَمِ النَّاسِ يَوْمَ أَسْلَمَهُ إلَيْهِ.
(وَفِي مَوْضِعِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ تَحَالَفَا وَفُسِخَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ادَّعَى الَّذِي لَهُ السَّلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَطَ الْوَفَاءَ بِالْفُسْطَاطِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى مَوْضِعَ التَّبَايُعِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ كَالْآجَالِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ الْمَوَاضِعُ حَتَّى لَا يُشْبِهَ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا (كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ بِمِصْرَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ أَيَّ مَوْضِعٍ بِمِصْرَ لِأَنَّ مِصْرَ مَا بَيْنَ الْبَحْرِ إلَى أُسْوَانَ. ابْنُ يُونُسَ: بِخِلَافِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مِصْرَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيُنْزِلُهُ بِالْفُسْطَاطِ، لِأَنَّهُ الْعُرْفُ عِنْدَهُمْ وَلَا عُرْفَ لَهُمْ فِي الْقَضَاءِ (وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ وَقُضِيَ بِسُوقِهَا وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَقْضِيَهُ بِالْفُسْطَاطِ جَازَ، فَإِنْ تَشَاحَّا فِي مَوْضِعٍ يَقْضِيهِ الطَّعَامُ مِنْ الْفُسْطَاطِ قَالَ مَالِكٌ: فَلْيَقْضِهِ ذَلِكَ فِي سُوقِ الطَّعَامِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السِّلَعِ إذَا كَانَ لَهَا سُوقٌ