مَلَكَ مَا حَوَالَيْهِ جَازَ بَيْعُهَا بِإِزْهَاءِ بَعْضِهَا إلَى أَنْ يَتَفَاحَشَ تَبَاعُدُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ. انْتَهَى نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ. ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْحَائِطَ فِيهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَرِ يَبْدُو صَلَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ كُلَّ الْحَائِطِ إنْ كَانَ طَيِّبُهُ مُتَتَابِعًا. ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ بِالصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ نَخْلٌ كُلُّهُ أَوْ تِينٌ كُلُّهُ أَوْ رُمَّانٌ كُلُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُ ذَلِكَ إذَا تَتَابَعَ طَيِّبُ جَمِيعِهِ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ.
قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ إنْ كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ وَيُقَوَّمَ هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَسْمِ ط ل ق. ابْنُ رُشْدٍ: وَمَا اُسْتُعْجِلَ زَهْوُهُ بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي الثَّمَرَةِ وَشَبَهِهِ لَمْ يُبَعْ بِهِ الْحَائِطُ اتِّفَاقًا.
(لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلَ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: " لَا يَجُوزُ " وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَبْدُوَ طِيبُ الثَّانِي وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الثَّانِي.
ابْنُ عَرَفَةَ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ غَيْرُ مَوْجُودٍ حِينَ بِيعَ الْأَوَّلُ وَلَا مَرْئِيٌّ بِخِلَافِ الصِّنْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَرْئِيَّانِ حِينَ يَبِيعُ أَوَّلَهُمَا طَيِّبًا، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا يُطْعِمُ بُطُونًا مُتَوَالِيَةً إلَّا جَوَازَ بَيْعِهِ بِطِيبِ أَوَّلِ بَطْنٍ مِنْهُ، وَلَمْ يَنْقُلْ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَ إنْ قِيلَ: إنَّ الثَّمَرَةَ إنَّمَا تَزِيدُ حَلَاوَةً وَهَذَا بَطْنٌ بَعْدَ بَطْنٍ قِيلَ ذَلِكَ كَاتِّصَالِ خُرُوجِ لَبَنِ الظِّئْرِ يَخْرُجُ كُلَّ حِينٍ، وَقَدْ أَجَازَ اللَّهُ الْإِجَارَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَكَبَيْعِ لَبَنِ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ جُزَافًا شَهْرًا، وَأَمَّا بَيْعُ التِّينِ عِنْدَنَا بِصِقِلِّيَةَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَطْنِ الثَّانِي مِنْهُ بِطِيبِ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِهِ مِنْهُ وَتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا، فَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ.
اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ ". ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْحَائِطُ أَصْنَافًا مِثْلَ عِنَبٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ فَلَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَطِبْ مِنْ صِنْفٍ بِمَا طَابَ مِنْ آخَرَ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَرُبَ وَتَتَابَعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَطِبْ تَبَعًا لِمَا طَابَ عَلَى اخْتِلَافٍ نَذْكُرُهُ. سَمِعَ أَشْهَبُ: لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَجَرِ تِينٍ شَتْوِيٍّ لَمْ يَطِبْ الْآنَ وَلَا إلَى شَهْرٍ مَعَ أَشْجَارِ تِينٍ طَابَتْ الْآنَ. ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَ الشَّتْوِيُّ لَا يَطِيبُ حَتَّى يَنْقَضِيَ ثَمَرُ الَّذِي لَيْسَ بِشَتْوِيٍّ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الشَّتْوِيِّ بِطَيِّبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَتْوِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي فِي حَيِّزِ الْبَيْعِ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي بَقَاءِ مَا لَمْ يَطِبْ لِلْبَائِعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْحَائِطِ لِسَقْيِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعِيَالِهِ فِي الْحَائِطِ وَشَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ لَجَازَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الشَّجَرَةِ فِي الدَّارِ، فَسَمَاعُ أَشْهَبَ مُخَالِفٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ التُّونِسِيُّ انْتَهَى. اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ فِي أَوَّلِ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْجَوَائِحِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ أَتَى بِقَوْلِ التُّونِسِيِّ فِقْهًا مُسَلَّمًا غَيْرَ مَعْزُوٍّ. الْمُتَيْطِيُّ: سَقْيُ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْبَائِعِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ يَكُونَ بِهِ عُرْفٌ كَمَا بِبَلَدِنَا غَرْنَاطَةَ فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ وَالْمَقَاثِئِ. وَمِنْ