الْعَدُوِّ وَأَحَقُّ بِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ إلَى مَا يَبْلُغُ مَا أَدَّى فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِدَاءٌ لَهُ وَلِمَالِهِ كَمَا لَوْ فَدَيْت مَالَهُ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ فَدَيْت دَابَّتَهُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا أَوْ مَتَاعًا لَهُ أَوْ اكْتَرَيْت عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مَا أَدَّى فِيهِ.

اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِلَّا حُبِسَ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ " وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ الْقَضَاءِ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَوْ ظَالِمٍ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: إنَّمَا كَانَ الَّذِي فَدَاهُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ وَهُوَ كَارِهٌ بِأَضْعَافِ ثَمَنِهِ وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ طَوْعِهِ، فَلِهَذَا صَارَ أَوْلَى مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ بِطَوْعِهِ.

ابْنُ يُونُسَ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنَّ مُشْتَرِيَهُ مِنْ الْعَدُوِّ مَا يَكُونُ أَحَقَّ إلَّا فِي مَالِهِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَدُوُّ مَعَ رَقَبَتِهِ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ هَذَا الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُكَافِئَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا كَافَأَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَالْحُرُّ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ (بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِذَا أَوْجَبْنَا الرُّجُوعَ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا فَدَاهُ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ. (وَعَلَى الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ) تَقَدَّمَ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اُتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّحِيحُ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ فِدَاءَ أَسِيرٍ لَا مَالَ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ. اللَّخْمِيِّ: إنْ اشْتَرَى مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ حُرًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِالثَّمَنِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْتَدُوهُ.

قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَهُوَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ كَانَ لِمَنْ أَتَى بِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ الْفِدَاءِ عَلَى مَنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُفْتَدَى.

(إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً) . ابْنُ بَشِيرٍ: مَنْ افْتَدَى مُسْلِمًا وَلَا مَالَ لَهُ إنْ قَصَدَ الْفَادِي الصَّدَقَةَ أَوْ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَافْتَدَاهُ مَنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ لَهُ الرُّجُوعُ. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ لَا مَالَ، مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ.

وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَرَجَعَ (وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ) . ابْنُ بَشِيرٍ: وَقَدْ نَزَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الرُّجُوعَ وَنَفْيَهُ عَلَى أَحْوَالٍ.

فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ لَا يُرْجَى خَلَاصُهُ إلَّا بِمَا بَذَلَ فِيهِ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْفِدَاءِ وَلَوْ كَانَ الْمَبْذُولُ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجُو الْخَلَاصَ بِالْهُرُوبِ أَوْ بِالتَّرْكِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجُو الْخَلَاصَ بِدُونِ مَا بَذَلَ فِيهِ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يُرْجَى بِهِ الْخَلَاصُ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ (إلَّا مُحْرِمًا أَوْ زَوْجًا إنْ عَرَفَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ) . ابْنُ بَشِيرٍ: وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ إذَا كَانَ الْفَادِي أَجْنَبِيًّا الْبَاجِيُّ: وَالْقَرِيبُ غَيْرُ ذِي مَحْرَمٍ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي اتِّبَاعِهِ بِفِدَائِهِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَمَنْ فَدَى مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ يُرِيدُ أَوْ ابْتَاعَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَدَاهُ بِأَمْرِهِ أَوْ يَفْدِيهِ وَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ فَلْيَتْبَعْهُ بِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ وَمَلَائِهِ.

قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ. وَسَبِيلُ فِدَاءِ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015