(كَمُحَارَبَتِهِ) فِيهَا: حِرَابَةٌ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَحِرَابَةِ الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّهَا نَقْضُ عَهْدٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: حُكْمُ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْحِرَابَةِ مَا وَصَفْنَا فِي الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ.
(وَإِنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ وَحَارَبُوا فَكَالْمُرْتَدِّينَ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: إنْ مَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْجِزْيَةَ قُوتِلُوا وَسُبُوا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حِصْنِ مُسْلِمِينَ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ وَيُقَاتَلُونَ وَأَمْوَالُهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا نَسْبِي ذَرَارِيّهِمْ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: أَهْلُ الذِّمَّةِ وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا سَوَاءٌ لَا تُسْبَى ذَرَارِيّهِمْ وَلَا أَمْوَالُهُمْ وَيُقَرُّونَ عَلَى جِزْيَتِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمْوَالُهُمْ فَيْءٌ أَيْ لَا تَكُونُ غَنِيمَةً لِلْجَيْشِ الَّذِي قَاتَلَهُمْ لِأَنَّ حُكْمَ أَمْوَالِهِمْ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي قَوْلِهِ: إنَّ ذَرَارِيّهِمْ لَا يُسْبَوْنَ " حُكْمُ مَالِ الْمُرْتَدِّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ يَكُونُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ السَّلَفِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: تُسْبَى ذَرَارِيّهِمْ وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ عَلَى حُكْمِ النَّاقِضِينَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ سِيرَةُ عُمَرَ سِيرَةَ أَبِي بَكْرٍ فِي الَّذِينَ ارْتَدُّوا مِنْ الْعَرَبِ سَارَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ سِيرَةَ النَّاقِضِينَ فَسَبَى النِّسَاءَ وَالصِّغَارَ وَجَرَتْ الْمَقَاسِمُ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بَعْدَهُ نَقَضَ ذَلِكَ وَسَارَ فِيهِمْ سِيرَةَ الْمُرْتَدِّينَ، أَخْرَجَهُمْ مِنْ الرِّقِّ وَرَدَّهُمْ إلَى عَشَائِرِهِمْ وَإِلَى الْجِزْيَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: حَكَى هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالُوا: إنَّ الْقَاضِيَ لَا يَرُدُّ مَا قَضَى بِهِ غَيْرُهُ قَبْلَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ.
وَقَوْلُ أَشْهَبَ: " إنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَأَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ " خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، لِأَنَّ الْمُرْتَدِّينَ أَحْرَارٌ مِنْ أُصُولِهِمْ وَالْمُعَاهَدِينَ لَمْ تَتِمَّ حُرِّيَّتُهُمْ بِالْمُعَاهَدَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ عِصْمَةً لَهُمْ مِنْ الْقِتَالِ فَإِذَا نَقَضُوهَا رَجَعُوا إلَى الْأَصْلِ فَحَلَّ دَمُهُمْ وَسَبَاؤُهُمْ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُتَنَصِّرِ يُصِيبُ دِمَاءَ النَّاسِ وَأَمْوَالَهُمْ ثُمَّ يُؤْسَرُ فَيَتَشَهَّدُ فَقَالَ: يَصْدُرُ عَنْهُ مَا أَصَابَ فِي ارْتِدَادِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَنَصُّرُهُ مُجُونًا وَفِسْقًا. ابْنُ عَرَفَةَ: تَلْقِينُ الشَّيْخِ وَابْنِ رُشْدٍ: مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ عُمَرَ بِالْقَبُولِ وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ لِمَا ذَكَرَهُ الرَّاوِيَةُ الْعَدْلُ أَبُو الرَّبِيعِ فِي اكْتِفَائِهِ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمَصْلَحَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُهَادَنَةُ وَهِيَ الصُّلْحُ عَقْدُ الْمُسْلِمِ مَعَ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْمُسَالَمَةِ مُدَّةً لَيْسَ هُوَ فِيهَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. فَخَرَجَ الْأَمَانُ وَالِاسْتِئْمَانُ وَشَرْطُهَا أَنْ يَتَوَلَّاهَا الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ سَحْنُونَ: تُكْرَهُ مِنْ السَّرَايَا وَالْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْهِينِ الْجِهَادِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنْ نَزَلَ بِغَيْرِهَا مَضَى (إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ شَرْطِ الْمُهَادَنَةِ الْخُلُوُّ مِنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَشَرْطِ تَرْكِ مُسْلِمٍ فِي أَيْدِيهِمْ. الْمَازِرِيُّ: وَلَوْ تَضَمَّنَتْ الْمُهَادَنَةُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا وَفِي لَهُمْ بِذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِرَدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا جَنْدَلٍ وَأَبَا بَصِيرٍ، وَلَا يُوَفِّي بِذَلِكَ بِرَدِّ النِّسَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] ابْنُ شَاسٍ: لَا يَحِلُّ شَرْطُ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَحُسْنِ الْعَافِيَةِ. وَانْظُرْ اسْتِدْلَالَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِقَضِيَّةِ أَبِي جَنْدَلٍ عِنْدَ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا: " وَإِنْ رَسُولًا " وَانْظُرْ أَيْضًا قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " لَا أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ " (وَإِنْ بِمَالٍ إلَّا