أَنْ يَقُولَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ نَجَّانِي اللَّهُ مِنْ أَمْرِ كَذَا فَإِنِّي أَصُومُ يَوْمَيْنِ أَوْ أُصَلِّي صَلَاةً أَوْ أَتَصَدَّقُ بِكَذَا فَهَذَا الْمَكْرُوهُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ ذَلِكَ لِلَّهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ وَأَنْ يَكُونَ نَذْرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ دُونَ تَعَلُّقِ نَذْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَعَرَضِهَا.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: النَّذْرُ الْمُبَاحُ هُوَ الْمُقَيَّدُ بِشَرْطٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ كَذَا إنْ شَفَانِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي أَوْ قَدِمَ غَائِبِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ مِنْ فِعْلِهِ، فَإِنْ قَيَّدَ مَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ بِشَرْطٍ مِنْ فِعْلِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَلَيْسَ بِنَذْرٍ وَإِنَّمَا هِيَ يَمِينٌ مَكْرُوهَةٌ لِحَدِيثِ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» إلَّا أَنَّهَا لَازِمَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ النَّذْرُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَفِي الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ مُطَلِّقٌ عَلَى صِفَةٍ وَيُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَبِالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَشْيِ وَالصَّدَقَةِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْعِتْقِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ ذَلِكَ مِنْ تَقْيِيدِهِ مَخْرَجَ النَّذْرِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ