دُجِّنَ حِمَارُ وَحْشٍ وَصَارَ يَعْمَلُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَأَنَّسَ وَصَارَ يُعْمَلُ عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ كَالْأَهْلِيِّ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ صَيْدٌ مُبَاحٌ أَكْلُهُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ التَّأَنُّسُ كَسَائِرِ الصَّيْدِ انْتَهَى. اُنْظُرْ إذَا اسْتَوْحَشَ الْأَهْلِيُّ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَحُرْمَتِهَا رِوَايَتَانِ، وَالْبِغَالُ مِثْلُهَا.

وَفِي التَّلْقِينِ: الْخَيْلُ مَكْرُوهَةٌ دُونَ كَرَاهِيَةِ السِّبَاعِ، وَمَا حَكَى الْمَازِرِيُّ خِلَافَ هَذَا، وَمَا عَزَا الْبَاجِيُّ لِمَالِكٍ فِي الْخَيْلِ إلَّا الْكَرَاهَةَ خَاصَّةً، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إبَاحَتُهَا.

(وَالْمَكْرُوهُ سَبُعٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ أَكْلَ السَّبُعِ وَلَا الثَّعْلَبِ وَلَا الذِّئْبِ وَلَا الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَلَا الْإِنْسِيِّ وَلَا شَيْئًا مِنْ السِّبَاعِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: رَوَى الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السِّبَاعَ أَكْلُهَا عَنْ الْكَرَاهَةِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ وَلَا تَفْصِيلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَدَنِيُّونَ فِي تَحْرِيمِ لُحُومِ السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ: الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ وَالْكَلْبُ. فَأَمَّا غَيْرُ الْعَادِيَةِ كَالذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَالْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَمَكْرُوهَةٌ دُونَ تَحْرِيمٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَنَحْوُ هَذَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ. اللَّخْمِيِّ: فِي حُرْمَةِ كُلِّ ذِي نَابٍ كَالْكَلْبِ وَالذِّئْبِ وَكَرَاهَتُهُمَا قَوْلَانِ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: إدْخَالُ مَالِكٍ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ يَدُلُّ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَأَصْلُ النَّهْيِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى مَا وَرَدَ مِنْهُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ وَارِدًا عَلَى مَا فِي مِلْكِكَ فَهِيَ نَهْيُ أَدَبٍ وَإِرْشَادٍ كَالْأَكْلِ مِنْ رَأْسِ الصَّحْفَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ، وَمَا طَرَأَ عَلَى غَيْرِ مِلْكِك فَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ كَالشِّغَارِ وَعَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ وَاسْتِبَاحَةِ الْحَيَوَانِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ. وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ تَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الْآيَةُ. لِأَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ مَكِّيَّةٌ وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا نَهْيُ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَاتٍ وَبِإِجْمَاعٍ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015