والراجح في هذا الخلاف: -والله أعلم- هو ما ذهب إليه الحنفية ومن وافقهم من القول بطهارة عظم الميتة وذلك لقوة ما استدلوا به وإمكانهم الرد على ما تمسك به غيرهم ولعدم وجود نص صريح يدل على نجاسة العظام، بل وجد بعض النصوص تدل على طهارة عظم الميتة ونحوه وإن كثرة طرقها جعلها تقوي بعضها البعض حتى تحقق قوة الاستدلال.
هذا بملاحظة: أن الخلاف بشأن مدى طهارة عظم الميتة وغير ذلك من جميع أجزائها جعلني أتعرض لبحث حكم بيع عظم الميتة لاستكمال وجه أثر هذا الخلاف خاصة وأن البعض اعتبر أصل هذه الأشياء وقال إنها نجسة بنجاسة أصلها مثلما فعل الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وإن كان بعض الفقهاء قد استثنى من هذا الحكم الشعر والظفر ونحو ذلك.
وعليه: فإن بحث حكم بيع عظم الميتة هنا كان عملاً لأصل الخلاف في مسألة طهارة ذلك العظم، وأنه لا أثر لما رجحته من القول بطهارتها على مسار منهج البحث في الرسالة.
ثانياً: موقف العلماء من إمكان بيع عظم الميتة
مذهب الحنفية: ذهب فقهاء الحنفية إلى القول بجواز بيع عظم الميتة وعصبها وشعرها ووبرها وريشها وخفها وحافرها، وذلك لطهارتها، وإمكان الانتفاع بها. جاء في بدائع الصنائع: " ... وأما عظم الميتة وعصبها وشعرها وصوفها ووبرها وريشها وخفها وظلفها وحافرها فيجوز بيعها والانتفاع بها عندنا.."1. وجاء في الهداية: " ... ولا بأس ببيع عظم الميتة وعصبها وصوفها وقرنها وشعرها ووبرها، والانتفاع بذلك كله؛ لأنها طاهرة لا يحلها الموت لعدم الحياة"2.
وقد استثنوا من ذلك عظم الخنْزير، فقالوا لا يجوز بيعه، واختلفوا في بيع شعره لاختلافهم في حكمه أطاهر هو أم نجس، والصحيح -عندهم- عدم بيعه لنجاسته،