أجلها؛ أتوضع الزكاة عن رب الثمرة للجائحة التي نقصتها مما يجب الزكاة في مثله؟ فقال: إن بلغ ما أصاب الثمرة من الجائحة الثلث فأكثر حتى يلزم البائع أن يضع ذلك عن المشتري، سقطت عنه الزكاة بذلك؛ لأن الثمرة قد صارت في البيع إلى ما لا يجب فيه الزكاة؛ وإن كان ما أصاب الثمرة من الجائحة أقل من الثلث، لم يوضع ذلك عن المشتري، ولم تسقط الزكاة عن البائع؛ لأنه قد باع خمسة أوسق تجب فيها الزكاة، ثم لم يرد من الثمن شيئا للجائحة، فإذا لم يسقط ثمن الجائحة عنه، فالزكاة واجبة عليه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن ما أجيح من الثمرة إذا لم يبلغ ذلك الثلث، فالمصيبة فيه من المبتاع؛ لأنه تلف على ملكه بعد وجوب الزكاة على البائع، وما أجيح منها فبلغ الثلث، فإنما تلف على ملك البائع، فالمصيبة منه، فوجب أن يعتبر ذلك في النصاب، وهذا على مذهب من يجيز البيع ويرى الحكم بالجائحة، وهو قول مالك، وجميع أصحابه؛ وأما على مذهب من يجيز البيع، ولا يرى الحكم بالجائحة، فالزكاة واجبة على البائع - وإن أذهبت الجائحة الثمرة كلها، وأما على مذهب من لا يجيز البيع، فالجائحة وإن قلت: تسقط الزكاة إذا صارت الثمرة بها إلى أقل مما تجب فيه الزكاة، ويفسخ البيع، وهو مذهب الشافعي - وبالله تعالى التوفيق.
ومن كتاب أوله يشتري الدور والمزارع
وسئل: عن الرجل يأكل من حائطه بلحا، ثم يأتي الخارص، أيحسب على نفسه فيما يخرص عليه ما أكل بلحا، فقال: ليس ذلك عليه، وليس هو مثل الفريك يأكله من زرعه، ولا مثل الفول يأكله أخضر، أو الحمص، وما أشبه ذلك.