منه الزكاة، ولم يأمرهم بذلك، فهو إذا لم يدر ما يفعلون، يؤدي عن نفسه، ولا يؤدي عنهم؛ لأن الأقرب أن يؤدوا عن أنفسهم ولا يؤدوا عنه، ولو أمرهم أن يؤدوا عنه الزكاة في مغيبه، لم يكن عليه أن يؤدي عن نفسه في مغيبه؛ ولو لم يترك عندهم ما يؤدون منه الزكاة، لزمه أن يؤدي بموضعه عنه وعنهم؛ لأن الزكاة عليه فهذا الوجه في هذه المسألة.
مسألة وسئل مالك فقيل له: إن بعض الناس يقول في زكاة الفطر مدان، قال: القول ما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت له الأحاديث الذي تذكر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مدين من الحنطة في زكاة الفطر، فأنكرها، وقال عقيل - وتبسم، وقال: إذا كان الشيء من أمر دينك، فعليك أبدا في أمره بالثقة، وأنه لن ينجيك أن تقول: سمعت، وقد كان يقال: كفى بالمرء كذبا - أن يحدث بكل ما سمع.
قال محمد بن رشد: معنى قول مالك: القول ما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أي لا حجة إلا في قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أن عنده من قول رسول الله: «الأمر بصاع من بر في زكاة الفطر» .
ومن الدليل على ذلك، أنه استدل على أنه لا يجزئ من القمح إلا ما يجزئ من غيره - أن ما ذكر في الحديث بعضه أعلى من بعض، والكيل متفق، قال: فكذلك الحنطة - وإن كانت أفضل، هذا معنى قوله في كتاب ابن المواز: فلما ذكرت له الأحاديث أنكرها، والحديث الذي أنكره وتبسم تضعيفا لروايته، هو ما رواه عقيل بن خالد، وغيره،