في الخمر تَتَخلل أو تُخلل قال ابن خالد: قلت لابن القاسم: فالذي يتعمد عصر خمر، ثم يتخلل في يديه، قال: لو تعمد أن يخلل الخمر فتخللت كانت الخمر حلالا.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف بين أهل العلم في أن الخمر إذا تخللت من ذاتها تحل وتطهر، وإنما اختلفوا إذا خللت هل تؤكل أم لا؟ على اختلافهم في وجه المنع من تخليلها، إذ قد قيل: إن المنع من تخليلها عبادة لا لعفة، أو قيل: بل منع من ذلك لعلة، وهي التعدي والعصيان في اقتنائها، وقيل: بل العلة في ذلك التهمة لمقتنيها في أن لا يخللها إذا غاب عليها، فيحكم عليه بإراقتها لذلك، ولا يمكن من تخليلها. فعلى القول بأن المنع من تخليلها عبادة لا لعلة، لا يجوز تخليلها في مرضع من المراضع، ويخرج جواز أكلها إذا خللت على قولين جاريين على اختلافهم في النهي هل يقتضي فساد المنهي عنه أم لا يقتضيه؟ وعلى القول بأن المنع من تخليلها لعلة، يجوز تخليلها إذا ارتفعت العلة، فمن رأى العلة في ذلك التعدي والعصيان في اقتنائها أجاز لمن تخمر له عصير لم ترد به الخمر أن يخلله، وقال أنه إن خلل ما عصى في اقتنائه لم يأكله عقوبة؟ ومن رأى العلة في ذلك التهمة لمقتنيها في أن لا يخللها إذا غاب عليها، أجاز للرجل في خاصة نفسه أن يخلل ما عنده من الخمر على أي وجه كان ويأكله، وإن كان الاختيار له أن لا يفعل وأن يبادر إلى إراقتها كما فعل الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في حديث أنس.
فيتحصل في جواز تخليل الخمر ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك لا يجوز