له قيمته، ولا سبيل له إلى قلعه. وكان ربيعة يقول في مثل هذا: إن نبت فإنما له قيمته أو غرس مثله. وأما إن قلع من بستانه غرسا يغرسه في أرضه دالة على صاحب البستان، فله أن يقلعه ويأخذه وإن كان قد نبت وعلق، إلا أن يتطاول وينمى نماء بينا فلا يكون له قلعه، وتكون له قيمته يوم اقتلعه نابتا؛ لأن دالته عليه -إذا كان من أهل الدالة- شبهة تمنع من قلعه. ولو كان اقتلعه غصبا غير مدلي لكان صاحب الغرس أحق بغرسه وإن كان قد نبت في أرضه وطال زمانه وثبتت زيادته؛ لأنه شيؤه بعينه أخذه حيا فنما وزاد ونبت، فهو كالصغير يغتصب أو يسرق ثم يجده صاحبه وقد كبر وشب ونما- وزاد فهو أبدا أحق به وسواء كان مما ينبت إن غرس بعد قلعه من أرض الغاصب أو مما لا ينبت هو أحق به إلا أن يشاء أن يسلمه ويأخذ قيمته نابتا يوم قلعه فيكون ذلك له، حكى ذلك ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ، وبالله التوفيق.
فيما يبقى في الكرم بعد قطافه، أو في الفدان من الزرع بعد حصاده
وسئل ابن كنانة عن الكرم يقطف أو الزيتون يجنى أو الزرع يحصد، هل يجوز لأحد أن يأكل بقيته؟ قال: إن كان أهله تركوه لمن أخذه فلا بأس بأكله، وإن كانوا إنما يريدون الرجعة إليه فلا يجوز لأحد أخذه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، والمعنى فيه بين إن علم أن صاحبه تركه لمن أخذه من فقير أو غني. وأما إن خشي أنه إنما تركه لمن أخذه من المساكين، فلا ينبغي لغني أن يأكل منه شيئا، وبالله التوفيق.