وأنه يشبه الباطل لما فيه من اللهو والطرب. واستخفه في رواية مطرف وابن الماجشون، عنه لمن يسكن البادية؛ لأنه لا غنى لهم عنه، وكرهه لأهل الحواضر ورأى خروجهم إليه من السفه والخفة. وإنما خفف ابن القاسم في هذه الرواية صيد الحيتان ورآه بخلاف صيد البر، إذ ليس فيه من اللهو وإتعاب الجوارح في غير منفعة مقصودة ما في صيد البر، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل لهو يلهو به الإنسان باطل إلا ثلاث، وهي ملاعبة الرجل امرأته، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه» .
في قرى طنجة التي غلب عليها البربر قال: وسألته عن قرى طنجة التي غلب عليها البربر العرب وأخرجوهم منها بالفتنة والغلبة عليها فيها فتظلهم الشجر، أترى بالأكل منها بأسا؟ قال لا أرى لأحد أكلها؛ لأنها عندي على وجهين: إما أن تكون كانت في أيدي العرب غصبا فلا أحب لأحد أن يأكل منها، أو كانت في أيديهم حلالا وهي اليوم غصب فلا أرى أن يؤكل منها.
قال محمد بن رشد: لا تخلو هذه القرى التي قد غصب أهلها إياها وغلبوا عليها من ثلاثة أحوال: أحدها أن يكون أهلها الذين غصبوا إياها معروفين هم أو ورثتهم، والثاني أن لا يكونوا معروفين إلا أنه يمكن أن يعرفوا ويوجدوا إن طلبوا، والثالث أن يكون قد باد أهلها لطول العهد ويئس من أن يعرفوا أو يعرف أحد من تصيرت إليهم بالوراثة.