فأصابني جوع شديد، فرمي بي إلى إنسان منهم فجاءني بحديد قد عصر وجعل في رأسه ثقب فيه سمن، فجعلوا يأخذون منه مثل النواة ويدخلون طرفها في ذلك السمن ثم يبتلعونه، فخيرت نفسي بين أن آكل وأشبع فأفتضح، أو أصنع كما يصنعون، فاخترت أن أصنع كما يصنعون.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه الحكاية والقول فيها وفي معنى القران المنهي عنه في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
في تفسير النسيء
قال وسئل مالك عن النسيء فقال: هو صفر والمحرم، يحلونه عاما ويحرمونه عاما.
قال محمد بن رشد: قوله يحلونه عاما ويحرمونه عاما، معناه أنهم كانوا يحلون المحرم عاما ويحرمون مكانه صفرا، ثم يرجعون في العام الثاني إلى تحريم المحرم وتحليل صفر، ثم في العام الذي بعده إلى تحليل المحرم وتحريم صفر. وكانوا يسمون المحرم وصفرا الصفرين، فكانوا يحرمون الصفر الأول في عام والصفر الثاني في عام. فتأخيرهم تحريم المحرم الذي هو من الأشهر الحرم سنة وسنة لا إلى صفر الذي هو من غير المحرم، هو النسيء الذي قال الله عز وجل فيه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ} [التوبة: 37] . يقول الله عز وجل إن تأخيرهم تحريم المحرم الذي هو من