بقوم لا يقرون فماذا ترى؟ فقال لنا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا حق الضيف الذي ينبغي» . وروي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما ضيف نزل بقوم فأصبح محروما فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه.» فقيل معنى هذه الآثار في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة، ثم أتى الله عز وجل بالخير والسعة فصارت الضيافة جائزة مندوبا إليها محمودا فاعلها عليها. وقيل معناها في المارين بقوم في بادية لا يجدون من ضيافتهم بدلا ولا يجدون ما يبتاعونه مما يغنيهم عن ذلك.
ومعنى ما دل من الأحاديث على أنها غير واجبة في الذي يستغني عن الضيافة ويقدر على أن يتعوض منها بابتياع ما يغنيه عنها. فقد قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» وقال: «لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته» الحديث، فلا يكون بين الأحاديث على هذا تعارض. وإلى نحو هذا ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وروي عنه أنه قال: ليس على أهل الحضر ضيافة، يريد لأن المسافر يجد في الحضر مندوحة عن الضيافة لوجوده حيث ينزل ما يبتاع، وكذلك قال سحنون إنما الضيافة على أهل القرى، وأما أهل الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر. وقد روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر» إلا أنه حديث غير