الظهر صلوا بعدها إلى العصر، فإذا صلوا العصر صلوا بعدها إلى المغرب فقد أحسن» .
فلما كان هذا الرجل الذي صلى ركعة من العصر ثم ذكر أنه قد صلى العصر في وقت ليس بمنهي عن الصلاة فيه لأن الصلاة فيه حرام وجب أن يتم ركعتين ولا يبطل عمله، لقول الله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فهذا وجه قول مالك والله أعلم.
ولو ذكر ذلك قبل أن يركع لكان الأظهر أن يقطع على قياس قوله في رسم أوله مرض بعد هذا. ولو ذكر قبل أن يركع من صلاة يصلى بعدها لجرى ذلك على اختلاف قول ابن القاسم وأشهب في كتاب الصيام من المدونة في الذي يظن أن عليه يوما من رمضان فيصبح صائما ثم يعلم أنه لا شيء عليه، وبالله التوفيق.
في كتب القرآن أسداسا وأسباعا وسئل مالك عن القرآن يكتب أسداسا وأسباعا في المصاحف، فكره ذلك كراهة شديدة وعابه وقال: لا يفرق القرآن وقد جمعه الله، وهؤلاء يفرقونه، لا أرى ذلك.
قال محمد بن رشد: أنزل الله تبارك وتعالى القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم أنزل على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شيئا بعد شيء حتى كمل الدين واجتمع القرآن جملة في الأرض كما أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، فوجب أن يحافظ على كونه مجموعا. فهذا وجه كراهية مالك لتفريقه، والله أعلم وبالله التوفيق.