يركع فيه. قال مالك: ما زال ذلك من شأن الناس يمرون ولا يركعون. قال مالك: وقد بلغني أن زيد بن ثابت مر من المسجد ولم يركع، ثم رجع فكره أن يمر به الثانية، ولم يره يعجبه ذلك من فعل زيد في ترك المرور. فقال ابن القاسم: ولا أعلم إلا أني رأيت مالكا مر فيه ولم يركع.
قال محمد بن رشد: قوله عن زيد بن ثابت ثم رجع فكره أن يمر به الثانية، يدل على أنه لم يرجع عن قوله الأول إلا أنه يكره أن يمر به ولا يركع. وإنما كره أن يتكرر ذلك الفعل منه، فأباحه في المرة الأولى وكرهه في الثانية، خلاف قوله في المدونة إنه رجع في ذلك عن الإجازة إلى الكراهة. فيتحصل في المسألة أربعة أقوال: الإجازة، والكراهة جملة من غير تفصيل، والفرق بين الأولى والثانية فيجوز في الأولى ولا يجوز في الثانية، وهو دليل قول زيد بن ثابت في هذه الرواية، وقد روى أشهب عن مالك نحو هذا القول، قال: سئل مالك عن مرور المرء في المسجد حين يخرج منه إلى حاجته ولا يركع فيه، قال: لقد كان يفعل ذلك، وإنه ليكره الإكثار منه. قيل له: فالمرة والمرتين؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس، وهو القول الرابع، وبالله التوفيق.
في الركوع بعد صلاة الجمعة في المسجد قال مالك: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى يوم الجمعة انصرف ولم يركع» وإنه ليستحب للأمراء أن يفعلوا ذلك، أن يصلوا في منازلهم ركعتين إذا انصرفوا.
قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى في صدر رسم حلف أن لا يبيع سلعة سماها، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.