شيء في خاصته وأمر رجلا أن يلقى فلانا وفلانا ويستشيرهم له في ذلك وأمره ألا يستشير غيرهما، فقلت لمالك: رجاء علم ذلك عندهما؟ قال: بل رجاء أن يتوقع في ذلك الأمر لفضلهما فرجاء بركة ذلك.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين أنه لا ينبغي لأحد أن يصحب إلا من يقتدى به في دينه وخيره، لأن قرين السوء يردي ويندم على اتخاذه خليلا. قال الله عز وجل: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [فصلت: 25] الآية، وقال: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا} [الفرقان: 27] {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا} [الفرقان: 28] الآية. وقيل إن هذه الآية نزلت في أبي بن خلف، كان يأتي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا باتباعه يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، هو عقبة بن أبي معيط، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا. وقد قال الحكيم:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن مقتدي
ولا ينبغي لأحد أن يستشير في شيء من أموره إلا من يخاف الله من أهل الثقة والأمانة مخافة أن يغشه ولا ينصحه. وينبغي له أن يتوخى في ذلك أهل الفضل والدين تبركا بهم ورجاء أن يوفقوا فيما يشيرون به عليهم بفضلهم، وبالله التوفيق.
في سن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وأبي بكر وعمر قال مالك: بلغني أن أبا بكر وعمر بلغا من السن سن النبي