فسمعته يحدث، وإذا كنت في جنازة، فإني إذا شهدت جنازة لم أحدث نفسي إلا بما يقول الميت وما يقال له.
قال محمد بن رشد: هذا مما كان عليه السلف الصالح من تعظيم الموت بالسكينة والكآبة عند حضور الجنازة حتى لقد كان الرجل يلقى الخاص من إخوته في الجنازة له عنده عهد فما يزيده على التسليم ثم يعرض عنه كأن له عليه موجدة اشتغالا بما هو فيه من شأن الميت، فإذا خرج من الجنازة ساءله عن حاله ولاطفه وكان منه أحسن ما كان لعهده. فيكره الضحك في الجنازة والاشتغال فيها بالحديث والخوض في شيء من أمور الدنيا. وقد مضى هذا في كتاب سماع أشهب من كتاب الجنائز، وبالله التوفيق لا شريك له.
في كراهة الحلف بغير الله عز وجل وسئل عن الذي يحلف بحياتي، فكره ذلك وقال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» . وإنما هذا من حلف النساء والضعفاء من الرجال أن يقول بحياتي وما أشبه ذلك فكرهه.
قال محمد بن رشد: يكره الحلف بغير الله عز وجل من جهة النهي الوارد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ومن جهة المعنى أيضا. وذلك أن الحلف بالشيء تعظيم للمحلوف به، ولا ينبغي أن يعظم شيء سوى الله عز وجل وبه التوفيق.