أما الطوفان فمطروا الليل والنهار ثمانية أيام ولياليهن لا يرون فيها شمسا ولا قمرا، فصرخ الناس إلى فرعون وخافوا الغرق، فأرسل فرعون إلى موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فأتاه، فقال: يا موسى اكشف عنا هذا فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فأقلعت السماء ونشفت الأرض ماءها وأنبتت من الكلأ والزرع ما لم يروا مثله في مصر قط، فقالوا: لا والله لا نؤمن لك ولا نرسل معك بني إسرائيل، ولقد فزعنا من أمر كان خيرا لنا، فنكثوا وعصوا. فأرسل الله عز وجل عليهم الجراد فأكل ما أنبتت الأرض، وبقي الجراد عليهم ثمانية أيام ولياليهن لا يرون الأرض، وركب الجراد بعضه بعضا ذراعا. وفي تفسير مجاهد أن الجراد أكل مسامير أبوابهم وثيابهم، فصرخ أهل مصر إلى فرعون، فأرسل إلى موسى فقال: أيها الساحر {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 134] ، فدعا موسى ربه جل وتعالى، فأرسل الله عز وجل ريحا شديدا فاحتملت الجراد فألقته في البحر فلم يبق في الأرض منها جرادة. فنظر أهل مصر فإذا هم قد بقي لهم بقية من زرعهم وكلئهم ما يكفيهم عامهم ذلك، فقالوا: إنه قد بقي لنا ما يكفينا هذه السنة، فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل الله عز وجل عليهم القمل.
قال مجاهد: هو الدبا فلم يبق في أرضهم عود أخضر إلا أكلته. فصرخوا إلى فرعون فأرسل إلى موسى فأتاه فقال: يا موسى اكشف عنا هذا الدبا فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى ربه فأمات الدبا فلم يبق منه واحدة. فلما نظر القوم أنه لم يبق لهم شيء يعيشون به قالوا: يا موسى هل يستطيع ربك أن يفعل بنا شرا مما فعل، فوالله لا نؤمن لك ولا نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل الله عليهم الضفادع فدبت في أرضهم وبيوتهم ومخادعهم وظهور