ترى فيهما؟ قال: أرى أن قد أفسدا ما هما فيه، فأما المتظاهر فأرى أن يبتدئ صيامه، وأما المعتكف فأرى أن يبتدئ اعتكافه، قلت له: في القبلة فقط، فقال: نعم في القبلة، وكذلك لو جساهما بأيديهما، كان ذلك مما يفسد عليهما ما هما فيه، قلت له: فالحاج أو الصائم إذا قبلا؟ فقال: أما الصائم فلا شيء عليه، إلا أن يمذي، وأما الحاج فحجه تام مجزئ عنه، إلا أن عليه الهدي لمكان ما قبل.
قال محمد بن رشد: أما المعتكف فلا اختلاف أحفظه في المذهب في أن القبلة والمباشرة تبطل اعتكافه. وأما المتظاهر فلأصبغ في نوازله من كتاب الظهار: أنه إن قبل في شهري صيامه استغفر الله تعالى، وتمادى على صيامه. وهذا أحد قولي سحنون، قال: لأن المعتكف ممنوع من كل امرأة، والمتظاهر ليس بممنوع إلا من امرأته التي ظاهر منها، ومن أهل العلم في غير المذهب من يبيح للمتظاهر من امرأته التي ظاهر منها، ما دون الجماع قبل الكفارة، كما أن منهم أيضا من لا يبطل الاعتكاف بما دونه. ويحمل قَوْله تَعَالَى في الآيتين جميعا: آية الظهار، وآية الاعتكاف - على الجماع، لا على ما دونه. وأما الصائم فلا يبطل صيامه ما دون الجماع، إلا أن ينعظ أو يمذي على اختلاف، أو ينزل باتفاق، وقد مضى تحصيل ذلك في رسم "طلق" من سماع ابن القاسم، وأما الحاج فلا يبطل حجه بما دون الجماع، إلا أن ينزل، غير أن عليه في ذلك كله الهدي - وبالله التوفيق.
تم كتاب الصيام والاعتكاف بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه