وبين بقوله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] إلى قوله: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3] فبين بتسميته لهذه الأشياء التي حرمها في هذه الآية جميعا أنها هي التي نهي عن أكلها؛ لأنها فسق بقوله: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] فمن ترك التسمية ناسيا أكلت ذبيحته.
وأجاز ابن حبيب أن يقول مع التسمية اللهم منك وبك ولك، أي منك الرزق وبك الهدي ولك النسك، وحكاه عن علي بن أبي طالب، وربيعة ابن أبي عبد الرحمن، وهو قول حسن، وكره ذلك مالك في هذه الرواية وشدد الكراهية في ذلك وقال في المدونة: إن ذلك بدعة، فالمعنى في ذلك والله أعلم أنه إنما كره التزام ذلك على وجه كونه مشروعا في ذبح النسك كالتسمية، فمن قاله على غير هذا الوجه في الفرط لم يكن عليه إثم ولا حرج وأجر في ذلك إن شاء الله.
في وصية لقمان لابنه قال مالك: بلغني أن لقمان الحكيم قال لابنه: اجعل خطيئتك بين عينيك فأما حسناتك فَالْهَ عنها فقد أحصاها من لا ينساها.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه الوصية بين لأن الخطيئة قد استوجب عليها عقاب الله إلا أن يغفرها له، فواجب عليه أن يجعلها نصب عينيه فيستغفر الله منها ولا يلهى عنها.